9- لك القوة أيها المسيح
St-Takla.org Image: I should glory in the Cross - The Cross of the Millennium - Artwork by Frederick Hart
لذلك فنحن نفتخر بالصليب، ونقول مع بولس الرسول "وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح به قد صلب العالم لي وأنا للعالم). (غل 6: 14).
"أن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوةالله" (1كو1: 18)
لو كان الصليب علامة ضعف، ما افتخرنا به، وما كنا نتخذه شعارًا لنا..
لو كان الصليب علامة ضعف، ما كنا نعلقه فوق كنائسنا وفوق مناراتنا، وما كنا نضعه علي صدورنا، ونرشمه علي أيدينا، ونرسمه في كتاباتنا.. بل أن الصليب عندنا هو رمز للقوة. فيه تظهر قوة المحبة، وقوة البذل وقوة إنكار الذات، وقوة الاحتمال. هي القوة في حقيقتها..
كثيرون كانوا يقولون للسيد المسيح: لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب، فنؤمن بك.. ولو استسلم لإثارتهم ونزل من علي الصليب لهلكنا نحن، وضاعت البشرية وضاع الخلاص.. ولكنه كان أقوي من إثارتهم، فبقي علي الصليب ولم ينزل..
أن المسيح لم تغلبه إثارات هذا المجد الباطل: لو نزلت من علي الصليب تكون حقًا ابن الله. وتثبت قوتك، وتذهل الناس بالمعجزات..؟!! إنه لم يغلب من الملق الباطل، ولم يغلبه هذا المفهوم الخاطئ لمعني القوة.. كان يقدر أن ينزل من علي الصليب. ولكنه لم يفعل، لكي نخلص نحن.
إن السيد المسيح لم يفكر في ذاته، إنما كان تفكيره فينا نحن. لم يهتم بتخليص نفسه من الموت، إنما فكر في تخليصنا نحن بأن يفدينا بذاته. لم يستسلم للصليب عن ضعف، وإنما عن حب.
لم يفكر في ذاته "فالمحبة لا تطلب ما لنفسها) "1كو 13: 5). لو كان يفكر في ذاته وكيف تتمجد بأسلوب العالم، ما أخلى ذاته وأخذ شكل العبد (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). إنه لم يفكر في ذاته، لأنه جاء ليبذل ذاته عنا وعندئذ يعرف الناس قوة محبته وقوة بذله "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع نفسه لأجل أحبائه "يو 15: 13). وبذلك أعطانا المسيح علي الصليب مثالا للقوة في الانتصار علي الذات من أجل هذا رأينا شيئا عجيبًا جدًا، وهو أن السيد الرب قابل كل تعدياتهم باستسلام عجيب "كشاه تساق إلي الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها، فلم يفتح فاه" (أش 53: 7).
كان يعلم بكل الإجراءات التي تعمل ضده ومع ذلك لم يقاوم الشر.. بل قال ليهوذا الاسخريوطي في هدوء (ما أنت تعمله فأعمله بأكثر سرعة) (يو 13: 27). ولسنا نجد تبريرا لكل هذا، سوي أن الرب كان يريد أن يموت عنا. كانت له القوة أن يحطم الصليب والصالبين. ولكنه رضي به قوة أعظم هي قوة الحب والبذل.
هذه القوة التي كانت له طول رحلة الصليب هي التي سنشرحها الآن بالتفصيل نقطة نقطة متأملين قوته..