المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 26 أبريل 2015

العين اليمنى _ يوحنا ذهبي الفم

العين اليمنى _ يوحنا ذهبي الفم





العين اليمنى

القديس يوحنا ذهبي الفم
"من ينظر إلى إمرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه". أي ذلك الذي يجعل شغله الشاغل التطلع بفضول نحو الأجساد المثيرة، وأن يطارد المعالم الرشيقة، وأن يُمتّع نفسه بالمشهد، وأن يُثبت عينيه على الوجوه الجميلة. إذ أن المسيح جاء ليحرر من كل الأعمال الشريرة ليس الجسد فقط بل النفس أيضاً قبل الجسد، فهو يطهر القلب أولاً لأننا نقبل نعمة الروح في القلب.




ربما يتسائل شخص: وكيف يمكن التحرر من الرغبة؟ أجيب أولاً، إذا كانت لدينا الإرادة فمن الممكن حتى أن تُخمد وتبقى خاملة. 



ثانياً، هو لا يريد إنتزاع الرغبة تماماً هنا بل تلك الرغبة التي تنبع من النظر، لأن ذلك الشخص الفضولي للنظر إلى الوجوه الجميلة هو غالباً الذي يضرم أتون هذه الأهواء بنفسه، ويجعل نفسه أسيرة لها، وسرعان ما يمضي أيضاً إلى الفعل.

هذا ما يُصححه حتى العهد القديم من البداية، قائلاً: "لا تشته جمال امرأة قريبك" (خر 20)، ولئلا يقول أحد: "ماذا لو نظرت دون الوقوع في الأسر"، يعاقب الرب النظرة، لئلا تقع يوم ما في الخطية وأنت تظن أنك في مأمن منها. قد يقول أحد: "ماذا لو نظرت وإشتهيت حقاً، لكن دون أن أفعل شراً؟". رغم ذلك أنت محسوب بين الزناة. لأن المُشرِّع نطق بذلك، ولا يجب أن تطرح أية أسئلة أخرى. لأنك إذا نظرت مرة أو مرتين أو ثلاثة قد يكون لديك القوة للإمتناع، لكن إذا كنت تفعل ذلك بإستمرار، وتُشعل أتون الشهوة، فإنك ساقط لا محالة، لأن وضعك لا يفوق طبيعة سائر البشر. ونحن إذا رأينا طفلاً يمسك سكيناً، نضربه بالرغم من أننا لا نراه أذى نفسه، ونمنعه من إمساكها مرة أخرى، هكذا ينزع الله النظرة غير العفيفة حتى قبل الفعل، لئلا تسقط في أي وقت بالفعل أيضاً. لأن ذلك الشخص الذي أضرم نار الشهوة مرّة، حتى عندما تكون المرأة التي تطلع إليها غائبة، فإنه يشكل في نفسه خيالات لأمور مخزية بشكل مستمر، وغالباً ما ينتقل منها حتى إلى الفعل. لهذا السبب، ينزع المسيح حتى ذلك العناق الذي في القلب فقط.



من الممكن للإنسان حقاً أن ينظر بطريقة أخرى، مثل نظرات الأطهار، ولهذا السبب لم يمنعنا من النظر بالكلية بل منع النظرة المصحوبة بالشهوة. لأن الله لم يخلق عينيك لهذا الغرض أبداً - لكي تكون سبباً في الزنى - لكنه خلقها لكي تُمجد الخالق عندما تعاين مخلوقاته.

لكن إذا كنت متلهف للتطلع إلى الجمال الذي يخص الآخرين، فأنت تجرح زوجتك بالسماح لعينيك بالتجوال في مكان آخر، وتجرح أيضاً تلك التي تتطلعت إليها، بلمسها بشكل غير شرعي. إذ بالرغم من أنك لم تلمسها باليد، قد داعبتها بعيونك، لهذا يحسب ما تفعله زنا، وعاقبة هذا الجرم ليست هينة. إذ يمتلئ ذلك الشخص بالإنزعاج والإضطراب، وتكون التجربة شديدة، والوجع مؤلم، فتكون حالة ذلك الإنسان أسوأ حتى من الأسير أو من الشخص المكبل بالقيود. والمرأة التي أطلقت السهم، كثيراً ما تمضي إلى حالها، بينما يظل الجرح رغم ذلك باقياً. أو بالأحرى، ليست هي التي أطلقت السهم، بل أنت الذي أصبت نفسك بالجرح المميت بنظراتك غير العفيفة. وهذا أقوله لأعفي النساء المعتدلات من المسئولية. لأنه من المؤكد، إذا تزينت إحدى النساء وإجتذبت نحوها عيون الناس في الطريق، فهي تتحمل العقوبة الأقصى حتى وإن لم تفتن من يقابلها، ، لأنها خلطت السم، وأعدت الشراب المسموم، حتى وإن لم تقدمه في كأس. أو بالأحرى، هي قدمت الكأس أيضاً، لكن لم يوجد أحد ليشربه.

"فإن كانت عينيك اليمنى تعثرك فاقلعها وألقها عنك" ... لماذا ذكر العين اليمنى ثم أضاف اليد اليمنى؟ لكي يريكم أنه لا يتكلم عن الأطراف بل عن أولئك الأشخاص القريبين منا، فهو يقول: "إذا كنت تحب شخص ما، كما لو أنه في محل عينك اليمنى، إذا كنت تظن أنه ذو قيمة كبيرة بالنسبة لك حتى أنك تقدره في مكانة يدك، وهذا الشخص يؤذي روحك، فيجب عليك أن تقطعه". تأمل توكيد المعنى، فهو لا يقول "إنسحب منه"، بل يقول "أقلعه وألقه عنك" ليظهر الإنفصال الكامل.

"لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم". فهو إذا كان لا يعمل لخلاص نفسه، وإذا نجح في تحطيمك فما الفائدة من غرق الأثنان معاً، بينما إذا إنفصلا فإن واحد على الأقل سوف ينجو.

ينطبق هذا الأمر على الرجال والنساء، إذا كان الشخص الذي يؤذيك بصداقته يستمر هكذا بدون علاج، فإن قطعه عنك يحررك من كل ضرر ناتج منه، وهو أيضاً سوف يتحرر من الإتهامات التي تثقل كاهله فلا يكون عليه أن يجاوب عن هلاكك بالإضافة إلى أعماله الشريرة الخاصة.


أترى كيف أن الوصية مليئة باللطف والعناية الإلهية، وما يبدو للإنسان قسوة يكشف عن عمق المحبة نحو الإنسان. ليت أولئك الذين يسرعون بالذهاب إلى المسارح ويجعلون من أنفسهم زناة كل يوم يصغون لهذه الأمور. لأنه إذا كانت الوصية تأمر بقطع ذلك الصديق الذي يؤذينا إرتباطنا به، فأي عذر يكون لأولئك الذين يترددون على تلك الأماكن، ويجتذبون إليها كل يوم حتى الذين لا يعرفونهم، فيجمعون لأنفسهم فرص هلاك بلا عدد. لهذا منع المسيح ليس فقط النظر غير العفيف، لكنه أيضاً بعدما أشار لما يتبعها من ضرر، شدد الوصية وأمر بالقطع والفصل والطرح بعيداً. وكل هذا رتبه ذاك الذي نطق بأقوال المحبة بلا عدد، حتى تتعلم بكل وسيلة عنايته الإلهية، وكيف يسعى لمنفعتنا بكل وسيلة.


Reference: Commentary on Matthew, Homily 17, Saint John Chrysostom, NPNF
ترجمة المدونة الآبائية

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;