المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 26 أبريل 2015

أتحبني أكثر من هؤلاء _ يوحنا ذهبي الفم

أتحبني أكثر من هؤلاء _ يوحنا ذهبي الفم



أتحبني أكثر من هؤلاء؟القديس يوحنا ذهبي الفم

"فبعدما تغدوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء. قال له نعم يارب أنت تعلم أني أحبك" (يو 21). إن هناك العديد من الفضائل التي تجعلنا مرضيين لدى الله، وتظهرنا لامعين ومستحقين للإحترام، لكن الفضيلة التي تربح إستحسانا من السماء بصورة خاصة جداً هي المحبة المهتمة بخير وصالح قريبنا، هذه الوظيفة هي التي يطلبها الآن السيد المسيح من بطرس.

"بعدما تغدوا قال يسوع لسعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء. قال له نعم يا رب أنت تعلم أني أحبك. قال له ارع خرافي".

ولكن عجباً لماذا إجتاز الرب جميع الرسل الآخرين، وتكلم مع هذا التلميذ بهذه الأمور؟ لقد كان بطرس هو التلميذ المختار من الحواريين، الناطق بلسان التلاميذ، ورئيس الجوقة. لهذا السبب جاء بولس أيضاً في مناسبة لاحقة للتحقق من بعض الأمور إلى بطرس بدلاً من الآخرين.

في الوقت نفسه أيضاً، إئتمن السيد المسيح بطرس بالأسبقية على أخوته لكي يظهر له أنه يجب عليه في المستقبل أن لا يخاف، لأن نكرانه قد تم مغفرته بالكامل. علاوة على ذلك، لم يورد الرب حادثة الإنكار مطلقاً ولم يجد عيباً فيه لما حدث، لكنه قال في الواقع: "إذا كنت تحبني، إستلم مسؤولية إخوتك، وإظهر الآن لهم المحبة الغيورة التي أظهرتها دائماً نحوي، والتي بشأنها تفاخرت. ومن أجل خاطر خرافي، أبذل تلك الحياة التي كثيراً ما كنت تقول أنك ستضعها عني".

ثم بعد أن سؤل بطرس عن محبته للسيد المسيح مرة، ثم مرة ثانية، دعى المسيح كشاهد يعرف أسرار قلبه، عقب ذلك تم سؤاله مرة ثالثة أيضاً، فإنزعج بطرس كثيراً. إذ كان خائفاً من تكرار ما حدث من قبل - لأنه لكونه كان شديد الثقة بنفسه في المرة السابقة إنهزم وتم التغلب عليه - لذا إتجه نحو الرب مرة أخرى طالباً المساندة، بقوله: "أنت تعلم كل شيء"، أي: "أنت تعلم يارب الماضي والمستقبل".

أتلاحظ كيف صار بطرس على نحو أفضل، وأصبح رجلاً حكيماً، الآن لم يعد يتفاخر ويناقض الرب؟ حقاً لهذا السبب إنزعج جداً: "لئلا أظن أنني أحبك، ولا أكون في الواقع عندي هذا الحب، تماماً كما كانت لدي أفكار تفاخر كثيرة قبلاً، وكنت مفرطاً في الثقة بنفسي، فإنهزمت لاحقاً من خلال التجربة".

سأل المسيح السؤال ثلاثة مرات، وثلاث مرات أعطى نفس الوصية لبطرس، لكي يظهر تقديره الكبير لوظيفة الإهتمام بخرافه الخاصة، وكيف أن أداء هذه المهمة هو قبل كل شيء برهان على محبته له. وبعد التحدث إليه عن محبته له، سبق وتنبأ المسيح له أيضاً عن الإستشهاد الذي كان سيجوزه، لكي يبين أنه تكلم معه كذلك ليس لأنه لا يئتمنه، بل على العكس، بكونه يثق فيه ثقة كبيرة. علاوة على ذلك، لكي يظهر لبطرس ما هو البرهان الحقيقي على محبته للمسيح، وأيضاً لكي يرشدنا نحن إلى الوسيلة التي بها نقدم محبتنا له بصورة خاصة، لذا قال: "لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء. ولكن متى شخت فإنك تمد يدك وآخر يمنطق ويحملك حيث لا تشاء".

بطرس حقاً تمنى ورغب في هذه الشهادة، لهذا السبب أظهر له الرب هذا الكشف. إذ أن بطرس قال في مناسبات عديدة: "إني أضع نفسي عنك" (يو 13)، "ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" (مت 26). لذلك منحه السيد المسيح رغبته.

إذن ما معنى كلمة "حيث لا تشاء"؟ هنا يشير الرب إلى مشاعر طبيعتنا البشرية، والميل إلى حماية النفس فيما يخص الجسد، وأن الروح تصير منفصلة عن الجسد بتمنع. فالجسد ضعيف حتى ولو أن الإرادة قوية. لا أحد في الحقيقة، يضع جسمه للموت بدون جهاد، والرب قد أقام ذلك قصداً حتى لا يكون هناك حالات إنتحار عديدة. بالرغم من هذا، نجح الشيطان في تسبب ذلك الأمر ودفع الكثير من الناس للحُفر والمنحدرات الشاهقة. فلو كانت رغبة الجسد في الحياة ضعيفة، لكان الكثير من الناس قد وضع نهاية لحياته بتعجل بسبب بعض التوعك العابر. لذلك كلمة "حيث لا تشاء" تشير إلى هذا المشاعر الطبيعية.

لماذا بعد قوله: "لما كنت أكثر حداثة"، أضاف: "متى شخت"؟ هذا يظهر أن بطرس لم يكن شاباً في هذا الوقت، لكنه أيضاً لم يكن بعد رجلاً كبير السن، إذ أنه كان في مُقتبل العمر. لماذا إذن يذكر حياته السابقة؟ لكي يوضح لبطرس معياره من القيم. إذ أنه في نظر العالم، يُعتبر الشاب مُفيد، بينما المسن لا يعتبر ذو فائدة تذكر. أما الرب فقصد ذلك: "بالنسبة لي، هذا الأمر ليس بصحيح، إذ أنه عندما تأتي الشيخوخة يتلألأ النبل أكثر تألقاً، وتصير الفضائل الرجولية أكثر تجلياً، غير مُعرقلة من قِبل الأهواء الشبابية".

علاوة على ذلك، قال الرب هذا لا لكي يخيفه بل لكي يوقظه ويتسحثه، إذ أنه عرف محبة بطرس له، وأنه كان يشعر بهذه العاطفة النبيلة نحوه بقوة لوقت طويل. في نفس الوقت أيضاً، كان يكشف له الطريقة التي بها سوف يموت. لأن بطرس أراد دائماً أن يُعرض نفسه للخطر من أجل الرب، لذا قال له الرب: "تشجع يا بطرس، فأنا سوف أحقق رغبتك بهذه الطريقة، حتى أنك في شيخوختك سوف تجوز تلك الآلام، التي لم تختبرها في شبابك".

ولإلهام قراءه، أضاف يوحنا الإنجيلي: "قال هذا مشيراً إلى أيَّة ميته كان مزمعاً أن يُمجد الله بها". لم يقل: "أن يموت بها" بل قال: "أن يُمجد الله بها"، حتى نتعلم أن المعاناة والتألم من أجل المسيح هو مجد وكرامة للمتألم.

وأكمل الإنجيلي: "ولما قال هذا قال له اتبعني". بهذه الكلمات، كان الرب مرة أخرى يشير بشكل غير مباشر إلى إعتناءه ببطرس، وإلى حقيقة أنه كان على علاقة حميمية معه. وإذا سأل شخص ما: "لماذا إذن الذي إستلم كرسي الأسقفية في مدينة أورشليم هو يعقوب (وليس بطرس)؟ أجاوبه هكذا: "أن الرب قد عيَّن هذا الرجل (بطرس) ليس لمجرد كرسي أسقفي، بل كمُعلّم للمسكونة".



Reference: Fathers of the Church Series, John Chrysostom, Volume 41, Homily 88, Catholic University of America. 


ترجمة المدونة الآبائية

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;