أصبع الله _ ديديموس الضرير + كيرلس الإسكندري
أولاً: ديديموس الضرير (القرن الرابع)
وهناك نموذج كتابي آخر يوضِّح أن للثالوث طبيعة وقوة واحدة.
فقد دُعي الابن باليد والذراع ويمين الآب. وكما كنَّا نعلِّم دائماً أن كل هذه الاصطلاحات تشرح أن الطبيعة الواحدة ينتفي منها الاختلاف، فهكذا أيضاً قد دُعي الروح القدس باصبع الله لأنه واحد في الطبيعة مع الآب والابن.
في أحد الأناجيل، عندما ازدرى البعض بمعجزات الرب قائلين: "ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين" سأل المخلص، لماذا يقولون هذا، وأجابهم: فإن كنتُ أنا ببعلزبول أُخرج الشياطين، فأبناؤكم بمَن يُخرجون؟ لذلك هم يكونون قُضاتكم. ولكن إن كنت بأصبع الله أُخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله" (لو 11). وعندما يذكر أحد الإنجيليين الآخرين هذه الحادثة، يُشير إلى قول الرب: "ولكن إن كنت أنا بروح الله أُخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله (مت 12). ومن هنا فإن النَّصين يوضِّحان أن أصبع الله هو الروح القدس. وهكذا، لو أن الأصبع متَّحد باليد، واليد بصاحبها، فبلا أدنى شك يَنتسب الإصبع لجوهر هذا الذي له الإصبع.
ولتنتبهوا لئلا تنحدروا للأشياء الدُنيا، غافلين عن أي شيء نحن نتباحث، وترسموت بخيالكم هذا الكم من الأطراف الجسدية، وتبتدئون تتخيَّلون لأنفسكم أحجامها، وتفاوتها، من حيث أن هناك أجزاء أكبر وأصغر في الجسم، قائلين: "أن الإصبع يختلف تمام الاختلاف عن اليد، واليد بالمثل تختلف تمام الاختلاف عن مَن يملكها" لأن الأسفار تتحدث هنا عن الموجودات غير المادية، وهي تترفَّع عن الحديث حول أبعادها بل فقط أن تُعلن وحدانية الجوهر.
فكما أن اليد تُصنع بها وتُنجز كافة الأشياء فهي غير منفصلة عن الجسم، وكما أنَّ اليد هي جزء من صاحبها، هكذا أيضاً فإن الإصبع غير منفصل عن اليد التي لها هذا الإصبع. ولذلك فلتطرحوا عنكم التفاوت والأبعاد عندما تفكِّرون في الله، وتتفهمون فقط الوحدة الموجودة بين الإصبع واليد والجسم كله، فقط كُتب بهذا الإصبع الناموس على ألواح الحجر.
ثانياً: كيرلس الإسكندري (القرن الخامس)
" وكان يخرج شيطانا وكان ذلك اخرس.فلما اخرج الشيطان تكلم الاخرس.فتعجب الجموع. واما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. واخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه. فعلم افكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب.وبيت منقسم على بيت يسقط. فان كان الشيطان ايضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته.لانكم تقولون اني ببعلزبول اخرج الشياطين. فان كنت انا ببعلزبول اخرج الشياطين فابناؤكم بمن يخرجون. لذلك هم يكونون قضاتكم. ولكن ان كنت باصبع الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون امواله في امان. ولكن متى جاء من هو اقوى منه فانه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه" (لو 11)
وهناك نموذج كتابي آخر يوضِّح أن للثالوث طبيعة وقوة واحدة.
فقد دُعي الابن باليد والذراع ويمين الآب. وكما كنَّا نعلِّم دائماً أن كل هذه الاصطلاحات تشرح أن الطبيعة الواحدة ينتفي منها الاختلاف، فهكذا أيضاً قد دُعي الروح القدس باصبع الله لأنه واحد في الطبيعة مع الآب والابن.
في أحد الأناجيل، عندما ازدرى البعض بمعجزات الرب قائلين: "ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين" سأل المخلص، لماذا يقولون هذا، وأجابهم: فإن كنتُ أنا ببعلزبول أُخرج الشياطين، فأبناؤكم بمَن يُخرجون؟ لذلك هم يكونون قُضاتكم. ولكن إن كنت بأصبع الله أُخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله" (لو 11). وعندما يذكر أحد الإنجيليين الآخرين هذه الحادثة، يُشير إلى قول الرب: "ولكن إن كنت أنا بروح الله أُخرج الشياطين، فقد أقبل عليكم ملكوت الله (مت 12). ومن هنا فإن النَّصين يوضِّحان أن أصبع الله هو الروح القدس. وهكذا، لو أن الأصبع متَّحد باليد، واليد بصاحبها، فبلا أدنى شك يَنتسب الإصبع لجوهر هذا الذي له الإصبع.
ولتنتبهوا لئلا تنحدروا للأشياء الدُنيا، غافلين عن أي شيء نحن نتباحث، وترسموت بخيالكم هذا الكم من الأطراف الجسدية، وتبتدئون تتخيَّلون لأنفسكم أحجامها، وتفاوتها، من حيث أن هناك أجزاء أكبر وأصغر في الجسم، قائلين: "أن الإصبع يختلف تمام الاختلاف عن اليد، واليد بالمثل تختلف تمام الاختلاف عن مَن يملكها" لأن الأسفار تتحدث هنا عن الموجودات غير المادية، وهي تترفَّع عن الحديث حول أبعادها بل فقط أن تُعلن وحدانية الجوهر.
فكما أن اليد تُصنع بها وتُنجز كافة الأشياء فهي غير منفصلة عن الجسم، وكما أنَّ اليد هي جزء من صاحبها، هكذا أيضاً فإن الإصبع غير منفصل عن اليد التي لها هذا الإصبع. ولذلك فلتطرحوا عنكم التفاوت والأبعاد عندما تفكِّرون في الله، وتتفهمون فقط الوحدة الموجودة بين الإصبع واليد والجسم كله، فقط كُتب بهذا الإصبع الناموس على ألواح الحجر.
ثانياً: كيرلس الإسكندري (القرن الخامس)
" وكان يخرج شيطانا وكان ذلك اخرس.فلما اخرج الشيطان تكلم الاخرس.فتعجب الجموع. واما قوم منهم فقالوا ببعلزبول رئيس الشياطين يخرج الشياطين. واخرون طلبوا منه اية من السماء يجربونه. فعلم افكارهم وقال لهم كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب.وبيت منقسم على بيت يسقط. فان كان الشيطان ايضا ينقسم على ذاته فكيف تثبت مملكته.لانكم تقولون اني ببعلزبول اخرج الشياطين. فان كنت انا ببعلزبول اخرج الشياطين فابناؤكم بمن يخرجون. لذلك هم يكونون قضاتكم. ولكن ان كنت باصبع الله اخرج الشياطين فقد اقبل عليكم ملكوت الله. حينما يحفظ القوي داره متسلحا تكون امواله في امان. ولكن متى جاء من هو اقوى منه فانه يغلبه وينزع سلاحه الكامل الذي اتكل عليه ويوزع غنائمه" (لو 11)
كان التلاميذ يهوداً، وأولاد لليهود بحسب الجسد، ولكنهم حصلوا على السلطان لإخراج الأرواح النجسة، فكانوا يحررون أولئك الذين تسلّطت عليهم الأرواح، وذلك بدعائهم عليهم هذه الكلمات: "باسم يسوع المسيح"، وبولس أيضاً بسلطان رسولي، أمر ذات مرة روحاً نجساً قائلاً: "أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منه" (أع 16). لهذا فعندما يقول المسيح أن أولادكم يدوسون بعلزبول باسمي .. فهو يقول إنكم ستُدانون وتُوبّخون بواسطة إيمان أبنائكم، لأنهم قد أخذوا مني سلطاناً وقوة على الشيطان، وإنهم ضد إرادته يخرجونه من الذين يسكنهم، بينما أنتم تقولون إنني أستخدم قوة الشيطان في صنع المعجزات الإلهية. أمّا وقد ثبت أن ما تقولونه ليس صحيحاً، ولكن بالعكس هو فارغ وهراء ومجرد إفتراء، فقد أصبح من الواضح أنني أخرج الشياطين بأصبع الله.
وهو يقصد بأصبع الله: الروح القدس.
يُسمَّى الابن يد الله الآب وذراعه، لأن الآب يعمل كل الأشياء بالابن، وبالمثل فإن الابن يعمل بالروح القدس.
كما أنَّ الإصبع لا يرتبط باليد كعضو غريب عنها، بل ينتمي إليها بالطبيعة، هكذا يشترك الروح القدس المُساوي للابن في الجوهر مع الابن في الوحدانية، مع أنه من الآب ينبثق.
الابن يعمل كل شيء بالروح المساوي له في الجوهر.
وهنا المسيح يقول عن قصد إنه بإصبع الله يُخرج الشياطين، متكلماً كإنسان، لأن اليهود بسبب حماقة عقلهم ما كانوا ليتحَمَّلوه لو قال "بروحي أطرد الشياطين".
فلكي يهدئ من استعدادهم الشديد للغضب، وميل ذهنهم للعجرفة والجنون، فإنه يتكلم كإنسان، مع أنه هو الله القدير بالطبيعة، وهو نفسه الذي يُعطي الروح من الله الآب للذين يستحقونه، ويستخدم كملك خاص له، تلك القوة الخارجة منه، لأن الروح مساو له في الجوهر، ومهما قيل أن الله الآب يعمله، فبالضرورة يعمله الابن في الروح.
يقول: "صرتُ بشراً وطردت الشياطين بروح الله، فبَلَغت الطبيعة البشرية فيَّ أنا أولاً ملكوت الله، وتَمَجَّدَت بقهرها قُدرة إبليس وبإنتهارها الأرواح النجسة الخبيثة ". هذا هو معنى كلامه: "قد أقبل عليكم ملكوت الله".
أما اليهود فلم يفهموا سرَّ تدبير الابن الوحيد في الجسد، رغم أنهم كان ينبغي أن يتأمَّلوا أنه بواسطة كلمة الله الوحيد الجنس الذي تجسد ـ دون أن يتوقف عن أن يكون كما كان دائماً ـ قد مَجَّد طبيعة الإنسان، إذ لم يستنكف من أن يأخذ وضاعتها على نفسه لكي يسكب عليها غناه الخاص.
.. والمسيح يستخدم مقارنة بسيطة وواضحة. لقد قهر يسوع رئيس هذا العالم. إنه سَحَقه وجرَّده من كل قدراته، وسلّمه فريسة إلى أتباعه (تلاميذه). لهذا يقول: "حينما يحفظ القوي داره مُتسلحاً، تكون أمواله في أمان، ولكن متى جاء من هو أقوى منه وغلبه، فإنه ينزع منه سلاحه الكامل الذي اتَّكل عليه ويوزِّع غنائمه". هذا العرض نموذجي وسهل وموضوع بأسلوب بشري .. كان إبليس قبل مَجيء المُخلص يتمتع بقدرة عظيمة فيسجن في مَربَضهِ أناساً لم يكونوا له بل لله. كان لصاً وَقحاً وشَرِهاً. ولما تأنس كلمة الله رب القوات القدير الذي هو فوق كل شيء هاجم إبليس وانتَزع منه ما كان يَعتمد عليه من سلاح، ووزَّع مغانمه. دعا الرسل الناس الذين أوقعهم إبليس في شرك ضلاله إلى الاعتراف بالحق، وأتوا بهم إلى الله الآب بالإيمان بابنه.
المرجع: 1- كتاب الروح القدس للعلامة ديديموس السكندري ترجمة أمجد رفعت رشدي، إصدار مجلة مدرسة الإسكندرية.
2- تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الإسكندري، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء + التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس، إنجيل لوقا، الأب ميشال نجم، منشورات جامعة البلمند
2- تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الإسكندري، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء + التفسير المسيحي القديم للكتاب المقدس، إنجيل لوقا، الأب ميشال نجم، منشورات جامعة البلمند