تفسير رؤيا يوحنا اللاهوتي
وعلاقتها بالماض والحاضر والمستقبل
الحلقة الأولى
المقدمة:
يعتقد معظم المفسرين واللاهوتيين بأن سفر الرؤيا غامض بعض الشيء, وإنّهُ يحكي ألاحداث برموز صعبة الادراك والفهم. لأنهم جميعاَ وقعوا في خطأ واحد ألا وهو إنّ السفر ليس رؤية واحدة متواصلة من الفصل الاول إلى الآخير, لكنهُ بالحقيقة اربعة رؤى متداخلة تحكي نفس الاحدات كل مرة بطريقة مختلفة, وهي بالحقيقة تتناول الاحداث من اربعة زوايا مختلفة, فهي جميعاَ رؤى تسرد تسلسل الاحداث من وقت مجيء المسيح الاول لغرض إكمال الفداء وتنتهي جميعاَ بمجيء الرب يسوع في مجده السماوي, وهذا جعلها تبدوا مستعصية عن الفهم, فيكون فكر الباحث او القاريء مركزاَ على تسلسل معين للأحداث ثم يجد نفسه قد تاه وهو لا يعرف اين اصبحت البداية واين هي النهاية وكأنّهُ يدور في حلقات متواصلة متسلسلة لا تريد أن تنتهي أبداَ.
ولأنّ إحدى هذه الرؤى تحكي عن الكنائس السبع التي كانت متواجدة فعلياَ في اسيا الصغرى, فتبدو كأنّها تحكي قصة هذه الكنائس الفعلية كما حصل في الماض وكما دونهُ التاريخ ولكن الرؤيا بالحقيقة تحكي وتستعير اسماء هذه الكنائس السبع لأهمية الاسماء اولاَ ومعنى هذه الاسماء ثانيةَ, وكذلك لانطباق هذه الاسماء على مراحل تطور ونموا وتسلسل طبيعة الحقبات الزمنية على كنيسة المسيح التي لم تكن إلا واحدة من أول يوم لنشوءها وستبقى كذلك لغاية قيام الساعة, فألكنيسة التي أسسها يسوع واحدة لا تقبل التجزئة بالنسبة للخالق, ولأننا نحن البشر قد قسمنا وجزئنا الكنيسة إلى أقسام عدة وبطرقِ عدة تبعاَ لطريقة تفسير كل طائفة او مجموعة أو لأغراض ومصالح مالية وطائفية ضيقة أو تبعاَ لدس الشياطين لبث التفرقة في صفوف الكنيسة الواحدة التي اسسها الخالق, فأعطينا أهمية لإختلافاتنا, فكذبنا على انفسنا وعلى مجموعاتنا وطوائفنا ورحنا نروج الكذبة بين الناس وكما يقول المثل, فالكذاب يصدق كذبتهُ في النهاية ويعتقد بأنّها حقيقة, وكل هذه التقسيمات والتسميات على ارض الواقع جعلتنا نفكر بالكنائس السبعة المذكورة في الرؤيا وكأنها من الماض السحيق, في حين هي كنيسة واحدة إبتدأت بمجيء المسيح الاول وهي مستمرة معنا اليوم وستبقى باقية لا تتجزأ إلى اليوم الاخير وقيام الساعة. وفي أيامنا هذه نحن في المرحلة الزمنية للكنيسة التي تُدعى بحسب الرؤيا " كنيسة ساردس" ألتي تعني البقية الباقية, وهي البقية الباقية من إنقسامات المرحلة الكنسية التي سبقتها والتي كانت تدعى ثياتيرة.
أما الرؤى الثانية والثالثة فهي تحكي بطريقتين تسلسل الامبراطوريات التي تحكم العالم, من وقت مجيء المسيح الاول ولغاية مقدمه الثاني في مجده السماوي, فإحداها تحكي الاحداث بصورة عامة والثانية تحكي تسلسل الاحداث بطريقة تفصيلية.
والرؤية الرابعة تحكي تسلسل الاحداث وما يحصل بين الملائكة والمخلصين وبين الشياطين واتباعهم, فتصف الضيقة العظيمة التي تحل بالمؤمنين بفداء الرب, وتصف ايضاَ المعصرة والضربات التي تحل بأتباع الشياطين وناكري الايمان.
والرؤى الاربعة هي:
( الرؤية الاولى) تسلسل المراحل الكنسية: وتبدأ من مقدم السيد المسيح الاول وتنتهي في المنتهى, وتشمل الفصل الاول والثاني والثالث والرابع, وتحكي الاحداث بتسلسل المراحل الكنسية من موت المسيح وقيامته ثُم إنتشار الكلمة والكرازة لكل المسكونة على مر الازمنة وحتى المنتهى, حيثُ ينتهي كل شيْ أمام العرش الإلهي والذي يصفهُ يوحنا لنا وصفاَ دقيقاَ.
الفصل الاول: الاعلان ليوحنا ووصف هيئة السيد المسيح ورسالته الى الكنائس, وتبدأ الرسالة من موت السيد المسيح وقيامته حيثُ يقول الحي وقد كنت ميتاَ.
الفصول الثاني والثالث: وتتضمن الرسالة الموجهة الى الكنائس المعاصرة للازمنة من قيامة السيد المسيح ولغاية نهاية العالم وعلى التسلسل, وتصف إيمان كل كنيسة وما يأتي عليها من المصاعب, وما هو موقعها في خطة الفداء من آدم والى المجيء الثاني للمسيح في مجده السماوي.
الفصل الرابع: ويصف العرش السماوي والحيوانات التي تخدم العرش أي السرافون, وأخيراَ ينتهي تسلسل الاحداث أمام العرش السماوي.
الفصل الخامس: ويصف لنا هذا الفصل كيف إستحق الحمل بإستحقاقات الصليب أن يفتح الختوم السبعة, أي انه لما كان قد أخذ مكاننا على الصليب فمعنى ذلك انهُ قد حصل لنا على المغفرة لخطايانا بسفك دمه, وإننا إن قبلنا فدائه تُغفر خطايانا بدمه ويسمح لنا أن نقترب من العرش السماوي.
(ألرؤية الثانية): تسلسل الاحداث بحسب الامبراطوريات على مر الزمن: وتحكي هذه الرؤية تسلسل الاحداث بتسلسل الامبراطوريات الارضية من زمن المسيح الاول والى مقدمه الاخير, وتشمل الفصول السادس والسابع والثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر فتحكي لنا مقاومة كل إمبراطورية (وحش) لكلمة الله وخطة الفداء مندفعةَ بإيعاز من إبليس والتنين, ومن وقت مولد يسوع المسيح والى المنتهى.
الفصل السادس: وفيه الختوم ومعانيها (الختوم الستة الاولى) مبتدأَ بمولد السيد المسيح.
الفصل السابع: وفيه ختم المؤمنين بعد زلزلة الختم السادس.
الفصول الثامن والتاسع: وفيها الختم السابع والاخير, والابواق السبعة والضربات الستة الاولى.
الفصول العاشر والحادي عشر: وفيها قيامة الشاهدين والبوق السابع والاخير لإنهاء الزمان وملك السيد المسيح في العرش السماوي.
(الرؤية الثالثة): تسلسل الاحداث بحسب تسلسل الامبراطوريات تفصيلياَ: وتحكي هذه الرؤية تسلسل الاحداث حسب تسلسل الامبراطوريات الارضية من وقت مولد المسيح والى مقدمه الثاني بطريقة أكثر تفصيلاَ, وتشمل الفصول الثاني عشر والثالث عشر والفقرات ( 1 - 5 ) من الفصل الرابع عشر, فتحكي بالتفصيل عن أعمال وشخصية كل من الامبراطوريات المتلاحقة وكيف تُقاوم خطة الفداء والخلاص على ممر الازمنة ومن وقت مولد يسوع المسيح والى ملكه في العرش السماوي.
الفصل الثاني عشر: يصف مولد يسوع المسيح أيام الامبراطورية الرومانية من العذراء والى زمن صلبه وفدائه على الصليب.
الفصل الثالث عشر: ويصف الامبراطورية التي تلت الامبراطورية الرومانية, والمسيح الكذاب وأتباعه المضللين به.
الفقرات (1 - 5) من الفصل الرابع عشر: تصف غلبة المسيح وملكه في العرش السماوي.
( الرؤية الرابعة): تسلسل الاحداث بين الملائكة والشيطان وأتباعه: وتحكي تسلسل الاحداث حسب الاعمال التي تقوم بها الملائكة مع الشيطان وأتباعه, وتشمل الفصل الرابع عشر الفقرات (6 - 20 ) والفصل الخامس عشر والسادس عشر, فتصف الاحداث من وقت صلب المسيح والى ملكه الاخير وبتركيزِ خاص على الضربات والمعصرة التي تحل بأتباع إبليس.
الفصل الرابع عشر الفقرات (6 - 20): وفيها صلب المسيح ثُم الكرازة ببشارة ملكوت السماء الى المسكونة كلها, ثُم سقوط الامبراطورية الرومانية وفي الاخير مقدم المسيح الكذاب والضيقة التي يجلبها على المؤمنين ومن ثم القيامة الاولى والقيامة الثانية.
الفصل الخامس عشر والسادس عشر: وفيها المعصرة والضربات وجامات الملائكة السبعة وملك السيد المسيح في العرش السماوي.
الفصل السابع عشر: يروي قصة الامبراطوريات التي حاربت الشعب المختار في مراحله المختلفة ( اليهودي والمسيحي), ويصف كيف يعطي إبليس سلطانه لهذه الامبراطوريات, وأخيراَ يصف هذا الفصل كيف يتمكن الوحش الصاعد من الهاوية (المسيح الكذاب) من تولي السلطة على القرون (الدول) العشرة ليحرق الزانية التي تكون جالسة على ظهر الوحش أيام ظهوره.
الفصل الثامن عشر: يحكي قصة حرق روما وسقوط الامبراطورية الرومانية لتكون رمزاَ لسقوط وحرق الدولة التي تكون جالسة على ظهر الوحش القرمزي أيام ظهور المسيح الكذاب.
الفصل التاسع عشر: بعد حرق روما التي جلست على ظهر الوحش القرمزي كناية بحرق الدولة التي تكون جالسة على ظهر الوحش أيام ظهور المسيح الكذاب نأتي بعدها الى العرش السماوي وملك السيد المسيح وقديسيه عند البوق الاخير وقبل الجامات التي تأتي على المسيح الكذاب وأتباعه, وتقوم الحرب بعد صب الجامات بين الرب وإبليس متمثلاَ بالمسيح الكذاب ومعهُ ملوك الارض الذين يؤيدونه حيثُ يُقبض على الوحش والمسيح الكذاب ويطرحان في جهنم.
الفصل العشرون: بعد طرح إبليس في الهاوية وتقيده الف سنة يحل زماناَ يسيراَ وتقوم بعدها الحرب, حرب جوج وما جوج ( أي حرب إبليس الاخيرة ) فتنزل ناراَ من السماء وتفنيهم, ويطرح إبليس في جهنم النار وتبدأ الدينونة والقيامة الثانية.
الفصول الحادي والعشرون والثاني والعشرون: يصف أورشليم السماوية, أبوابها, سورها, نهر ماء الحياة والعرش السماوي والى آخره.
في الجزي الثاني سنتناول تفسير الفصل الاول من الرؤيا, وفي الاجزاء التالية سنتطرق إلى الرؤية الاولى التي تخص مراحل كنيسة الرب يسوع. وبعدها سننتقل إلى تفسير معنى الاختمام السبعة الواحد تلو الاخر ولغاية نهاية العالم وقيام الدينونة الاولى والثانية وبلوغ أورشليم السماوية.
اخوكم في الايمان
نوري كريم داؤد
نوري كريم داؤد
Read more: http://www.eg-copts.com/vb/t163621#ixzz3YBDCPmsa