المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأربعاء، 8 أبريل 2015

يوم الخميس يوم السر العظيم - سر الإفخارستيا وغسل الأرجل وصلاة جسثيماني واختتام اليوم بقبلة القلب الغاش

يوم الخميس يوم السر العظيم - سر الإفخارستيا وغسل الأرجل
وصلاة جسثيماني واختتام اليوم بقبلة القلب الغاش
 
  • أولاً مُسميات هذا اليوم العظيم
يُسمى هذا اليوم في الكنيسة القبطية [ يوم خميس العهد ]، ويُسمى أيضاً [ الخميس الكبير ]، ويشترك في هذا الاسم مع الكنيسة القبطية، الكنائس السُريانية والموارنة، وعند ابن كبر في القرن ال14(1324م) يُدعى [ يوم الخميس الكبير الذي هو العهد الجديد ] كما يُسميه أيضاً [ عيد العهد الجديد ]، ويُسمى في الكنيسة البيزنطية [ الخميس العظيم المُقدَّس ]. وهذا هو اسمه في الشرق عموماً. أمَّا في الغرب فاسمه التقليدي في الإنجليزية Maundy Thursday وكلمة Maundy جاءت من الأنتيفونا [ وهو لحن من فريقين ] الأولى التي تُرتل في هذا اليوم باللاتينية في طقس غسل الأرجل وهي Manatum novum أي [ وصية جديدة ]، فهو يُسمى [ خميس الوصية الجديدة ]، ويُسمى أيضاً [ الخميس الأخضر ] Green Thursday وهو اسمه التقليدي لدى الألمان. وربما جاء هذا الاسم [ الخميس الأخضر ] من عادة منح التائبين المعترفين بخطاياهم في هذا اليوم – استعداداً للتناول من الأسرار المقدسة – أغصاناً خضراء تعبيراً عن كمال توبتهم ورجوعهم إلى كمال شركتهم مع الكنيسة على أساس أنهم صاروا أغصان خضراء جديدة في الكرمة، ويُسمى هذا اليوم أيضاً Sheer Thursday أي [ الخميس النقي أو الواضح ]، حيث أنه في هذا اليوم، يُعطى الحل للتائبين، أو ربما جاء الاسم أيضاً من عادة الغسيل الطقسي لمذابح الكنيسة وسوف نذكرها بالتفصيل فيما بعد في موضوع مستقل...
 
  • + أحداث يوم خميس العهد بين التقليد اليهودي وإقامة وليمة العهد المسيانية
في هذا اليوم أمر الرب يسوع أثنين من تلاميذه أن يذهبا ويُعدا الفصح ليأكل معهم [متى 36: 17؛ مرقس 14: 13؛ لوقا 22: 7]. وبعد الظهر توجَّه إلى المكان الذي أعدَّ التلاميذ فيه الفصح في بيت القديس مرقس الإنجيلي والرسول [ كما يذكر التقليد المتفق مع الإنجيل تمام الاتفاق ]  وهو ابن أخت القديس برنابا الرسول، وذلك كان في أورشليم. وكان الفصح اليهودي يستمر إلى سبعة أيام، حيث يذبحون خروف الفصح في الرابع عشر من نيسان بين العشاءين، أي بين العصر والغروب [خروج 12: 16]. ومتى بدأ مساء الخامس عشر من نيسان، كان يُدعى هذا اليوم: [ اليوم الأول من الفطير ]، وتنتهي أيام الفطير في الحادي والعشرين منه [لاويين 23: 5] وكان لا يجوز لهم بمقتضى الناموس أن يأكلوا شيئاً في هذه المدة سوى الفطير فقط [خروج 12: 15] ولذلك سُميَّ بعيد الفطير، والفطير هو الخبز الذي يُخبز بدون خمير، ولفظة الخمير تأتي في العبرية [ חָמֵ֗ץ ح م تص ] وتعني [ مُرّ أو لاذع أو حامض ]، وهي ترمز للخطية عادة والتي تجعل حياة الإنسان مُرّة ولاذعة، كما أن الخميرة تجعل العجين ينتفخ، وتكون الزيادة في الحجم وليس الوزن، وهكذا غرور الخطية تجعل الإنسان ينتفخ ويُفكر في ذاته أنه أكثر بكثير مما هو في الواقع، ومن شرّ الخطية أنها إذا دخلت للقلب أو في مكان تتفشى مثل قطعة الخميرة الصغيرة والتي تُخمر العجين كله، لذلك الخطية خاطئة جداً وأقل تعامل معها خطير لأنها تفعل فعل الانتشار والتوغل مثل الخميرة، لذلك أقل استهانة بالخطية تطعن الإنسان بالأوجاع التي لا ولن تنتهي قط. ويقول الرسول: [ ألستم تعلمون أن خميرة صغيرة تُخمِّر العجين كله . إذاً نقوا منكم الخميرة العتيقة لكي تكونوا عجيناً جديداً كما أنتم فطير. لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذُبح لأجلنا. إذاً لنُعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخمير الشرّ والخبث بل بفطير الإخلاص والحق ] (1كورنثوس5: 6 – 8)
ولذلك نجد أن الكتاب المقدس يؤكد على عدم حياة الشركة مع الأشرار لكي لا ينتقل إلينا خبث الشرّ دون أن ندري:
+ لا تضلوا فأن المُعاشرات الردية تُفسد الأخلاق الجيدة (1كورنثوس 15: 33)
+ لا تكونوا تحت نير مع غير المؤمنين لأنه أية خلطة للبرّ والإثم وأية شركة للنور مع الظلمة (2كورنثوس 6: 14)

وكلمة فطير بالعبرية هي: [ מַצּוֹת م تص و ت ] matzot. وهذه الكلمة تعني حرفياً [ حلواً – بلا فساد – غير نتن ]. إذاً خبز الفطير يُمثل حلاوة وكمال السيرة بدون خطية. كما أن الأمر بأكل الفطير يؤكد على حياة الطهارة والقداسة في قمة كمالها للمسيا الإله الكلمة المتجسد، والذي جاء ليُكمل كل برّ ويضع حياته كحمل الله رافع خطية العالم ومتمم الذبيحة في كمالها الذي كان سابقاً رمزاً له ولتتميم عمله الكامل لأجل خلاص العالم كله منذ آدم لآخر إنسان....

عموماً نجد أنه كان يلزم حفظ الاحتفال بعيد الفصح في جميع الأجيال كفريضة دائمة لا يُمكن أن تنقطع قط: [ ويكون لكم هذا اليوم تذكاراً فتعيدونه عيداً للرب. في أجيالكم تعيدونه ] (خروج 12: 14)؛ [ فتحفظون هذا الأمر فريضة لك ولأولادك ] (خروج 12: 24)؛ [ فتحفظ هذه الفريضة في وقتها من سنة إلى سنة ] (خروج 3: 10)، والكلمة العبرية يحفظ [ שמרים شمريم ]، تعني حرفياً: [ يُلاحظ بانتباه أو يسهر على ].

وبالنسبة للعبرانيين الأوائل، كان مفهوم التذكار لديهم أكثر من كونه مجرد تذكُرّ حدث يُمثل مرحلة من مراحل التاريخ، بل لقد استخدموا التذكار لاستحضار القلب والذهن إلى حدث هام جداً وحقيقي موثق وموثوق به، وكل شخص يهودي يعتبر نفسه – شخصياً – واحداً من الذين خلَّصهم الله من العبودية في القديم، لأنه يعتبر خلاص الله ممتد منذ لحظة عمله إلى اليوم الذي يعيش فيه يهودي في كل جيل جديد. وهو أيضاً يوجه نظره نحو المستقبل إذ انه متيقن من ما سوف يعمله الله في المستقبل لأجل خلاصه وحياته في المسيا الآتي، وعموماً نجد أن الله قد وضع نظاماً محدداً لهذا الاحتفال السنوي بالفداء. وتتمثل بنوده في الآتي:
1 – كل الأجيال شعب إسرائيل تحفظ وتُقيم الفصح سنوياً ولا يُستثنى أحد بالطبع (خروج 12: 47)
2 – لا يُسمح لأي غريب خارج العهد أي غير مُختتن أن يأكل من ذبيحة الفصح (خروج 12: 43 – 45)
3 – يؤكل الفصح بداخل البيوت، وهو شاة ابن سنة لكل بيت (خروج 12: 46)
4 – ينبغي أن تؤكل ذبيحة الفصح بالكامل في ليلة واحدة، ولا يبقى منها شيئاً للصباح (خروج 34: 25)
5 – ينبغي أن يعزلوا الخميرة من بيوتهم لمدة سبعة أيام (خروج13: 6 – 7)
6 – ينبغي أن يذبحوا خروف الفصح في عدم وجود خميرة (خروج 34: 25)
7 – لا يكسروا عظمة من عظام ذبيحة الفصح (خروج 12: 46)
8 – ينبغي أن يذبحوا خروف الفصح – فقط – في المكان الذي يُحدده الرب لهم (تثنية 16: 5 – 6)
9 – ينبغي على كل ذكور جماعة بني إسرائيل أن يظهروا أمام الرب في وقت الفصح (خروج 23: 17 / 34 : 23)
10 – أولئك الذين هم بداخل حظيرة الإيمان – فقط – يشتركون في احتفال الفصح. وإذا أراد أُممي أو غريب أن يشترك معهم عليه أن يُختتن ويؤمن بيهوه.
 
+++ ترتيب الفصح +++

يلزمنا أن نعرف أولاً أن الفريسيون كانوا في أيام الرب يسوع هم حُراس التقليد الشفوي لحكماء بني إسرائيل القُدامى، والذي يعتبرونه مساوٍ للتوراة أي الشريعة المكتوبة، ويعتقد اليهود التقليديين إلى يومنا هذا أن الله نفسه أعطى هذه الشريعة الشفهية لموسى، وانتقلت من جيل لجيل شفهياً. والذين فسروا التوراة وشرحوها عرفوا باسم [ الرابيين ] والتي تعني [ مُعلمين ]، وقد جمعوا وصنفوا كل المعتقدات الدينية في كتاب واحد أُطلق عليه [ المشناه ] في وقت ما بين 100 ميلادية حتى سنة 250 ميلادية. المشناه تُعطي كافة أوجه الحياة الدينية وتُقدم صورة للعادات والتقاليد والأوامر والشرائع على مر العصور حتى زمن وجود الرب يسوع.
وبخصوص الفصح تقتبس المشناه أقوال رابي غمالائيل Rabbi Gamaliel التي يقول فيها: [ كل من لا يذكر هذه الأشياء الثلاثة التي سنذكرها في عيد الفصح يعتبر نفسه إنه لم يُتمم ما ألزمته به الشريعة، وهي:
  • ذبيحة الفصح، لأن القدوس عبر على بيوت آباءنا في مصر وفداهم من موت الأبكار
  • الفطير، لأن الرب حرر آباءنا من أرض العبودية: مصر
  • الأعشاب المُرّة، لأن المصريين مرروا حياة آباءنا في مصر ] Pesahim10: 5
 
  • الشكل العام لترتيب الفصح وتنظيمه +
من جهة شكل الجلوس حول المائدة: كان المحتفلون يجلسون متكأين حول المائدة وليس في وضع الجلوس العادي، وهذا انحدر من بابل منذ أيام السبي، ومن عادات بابل أن الأشخاص الأحرار يتكئون على وسائد مُريحة حول المائدة، أما العبيد فيقفون بانتباه شديد لخدمة أسيادهم الذين يأكلون.
وعند جلوس أفراد العائلة حول مائدة الفصح، يُخصص مكان ويُرتب بعناية شديدة لرئيس المائدة، حيث اقتضت العادة أن رب العائلة هو الذي يجلس على رأس مائدة العشاء الاحتفالية. والشخص الأصغر يجلس في الجهة اليُمنى ليقوم بدور خاص في نهاية الطقس التقليدي seder، أما على يسار رب العائلة فيجلس الضيف بكل إجلال واحترام وأحياناً يُترك هذا المكان فارغاً ويُسمى [ كُرسي إيليا ] حيث يعتقدون أن إيليا النبي سيجيء فجأة ويأكل معهم الفصح، كما كانوا يتوقعون من النبوات أن إيليا سيأتي كما نراهم حينما سألوا القديس يوحنا المعمدان: أإيليا أنت !!!

1 - الجماعة التي ستأكل الفصح 
كان اليهود يقسمون أنفسهم في أكل خروف الفصح إلى جماعات، بحيث لا تقل الجماعة عن عشرة أفراد ولا تزيد عن عشرين شخصاً، وإن لم يبلغ سُكان البيت الواحد عشرة أشخاص، اشترك بيتان في خروف واحد، وكانت كل جماعة تُنيب عنها واحداً ليحضر الخروف إلى دار الهيكل، ويُساعد أيضاً اللاويين على ذبحه، ثم يُنقل ما يُذبح إلى البيت الذي يقصدون أن يأكلوه فيه حسب الشريعة (خروج 12: 4 – 14)، وطبعاً يلزمنا أن نعرف أن اللاويين قاموا ببيع الخرفان في الهيكل لكي ينالوا نصيباً في ثمنه لأنهم يبيعونه أغلى ثمناً من خارج الهيكل، وكانوا يرفضون أي خروف يحضره أحد من خارج الهيكل ويختلقوا له عيوباً فيه ليمنعوا ذبحه لأنهم القائمين على فحص الخروف لسلامة تقديمه حسب الشريعة، لذلك اغتاظوا جداً من الرب حينما طرد الباعة وقلب موائد الصيارفة وقال بيت أبي جعلتموه مغارة لصوص...
عموماً قد قام الرسولان بطرس ويوحنا بذلك الأمر في الهيكل في هذه المرة بالنيابة عن مُخلصنا وتلاميذه، وأعدَّا الفطير والخمر والأعشاب المُرّة وكل ما هو ضروري لإعداد الفصح. فلما أعدا كل شيء، جاء يسوع وتلاميذه إلى المكان الذي أخفاه الرب عن يهوذا، حتى يُتمم ما جاء لأجله، لأن يهوذا لهذه الساعة لم يكن يعلم أين يصنع الرب الفصح لذلك لم يستطع أن يبلغ عن مكانه – حسب ما اتفق مع اليهود – إلا بعدما ذهب وحضر الفصح مع التلاميذ كما سوف نرى....

2 –  طقس الاحتفال والغسل 
الاحتفال بالطبع كان يشمل طقس غسل الأيدي وبعض الصلوات في وضع الجلوس. ويشرب المحتفلون أربعة كؤوس من الخمر، والتقليد الشفوي من المشناه يأمر بأن حتى الأشخاص الفقراء ينبغي عليهم أن يشربوا هذه الكؤوس الأربعة، حتى ولو وصل الأمر به إلى بيع نفسه أو الاستدانة (وطبعاً هذا ما قصده المسيح بتوبيخهم لأنهم أبطلوا وصية الله بتقليد الناس ولا يقدرون أن يعولوا الفقير بل يضعوا عليه أثقال عثرة الحمل) وينبغي أن يكون خمر الفصح من النبيذ الأحمر ويُخلط بقليل من الماء، كما أن المشناه تأمر بأن يكون النبيذ دافئاً، ومن ثمَّ يجب تسخين الماء قليلاً قبل خلطه بالخمر حتى يُذكَرَهم بدم الخروف الذي ذُبح للتو، فيكون دمه دافئاً.
* ما يوضع بجوار الخروف على المائدة:
لابد بجوار الخروف المشوي بكاملة بدون كسر عظماً منه، توضع أعشاب مُرة وثلاثة شرائح من الخبز غير المختمر، يُسمى بالعبرية Charoseth، وفي هذا الخليط كانوا يغمسون الأعشاب المُرة وخبز الفطير معاً. ولا يأكلون طبق التحلية بعد أكل خروف الفصح بل قبله، حيث أنه غير مسموح بأكل أي شيء آخر بعد أكل خروف الفصح.

3 – بدء الاحتفال بالفصح 
بعد أن يتم كل الأعداد السابق للفصح تبدأ ربة البيت تُعلن عن بدء احتفال الفصح، بإنارة شمعتي الفصح، فتُغطي عينيها بيدها وتتلو صلوات البركة على الشمعتين، شاكرة الله من أجل هذه المناسبة الخاصة، قائلة: [ مبارك أنت أيها الرب إلهنا، ملك المسكونة، الذي قدستنا بوصاياك. وباسمك نُشعل أنوار الاحتفال ]
وبعد ذلك يتلو رئيس المتكأ (رب العائلة) صلاة التقديس بالعبرية [ קידוש قيدوش ] على الكأس الاستفتاحية وهي الكأس الأولى من الخمر قائلاً: [ مبارك أنت أيها الرب إلهنا، ملك المسكونة، يا من اخترتنا من بين الشعوب لنُقدم لك هذه الخدمة، مبارك أنت أيها الرب إلهنا، ملك الدهور، يا من وهبتنا الحياة، يا من حفظتنا وأتيت بنا إلى هذه المناسبة ]؛ ثم يقول: [ فليكن الرب مباركاً الذي أبدع ثمر الكرمة ] ثم يرتشف منها قليلاً، ويُدار بها على جميع الجالسين فيرتشف كل منهم قليلاً منها كل واحد بدوره، وكان تُدعى كأس المرارة، وهي الكأس المذكورة في إنجيل القديس لوقا التي لم يذق منها الرب شيئاً: [ ثم تناول كأساً وشكر وقال خذوا هذه و اقتسموها بينكم. لأني أقول لكم إني لا أشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله ] (لوقا 22: 17 – 18).





ثم يأتي بعد ذلك طقس غسل الأيدي بواسطة رئيس المتكأ، وهذا الاغتسال كانوا يشيرون به إلى عبور أسلافهم البحر الأحمر...

وعند هذا الحد من الطقس قام الرب عن العشاء وخلع ثيابه كما يفعل العبيد، وأخذ منشفة وأتزر بها، ثم صب ماء في مغسل، وابتدأ يغسل أرجل التلاميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متَّزراً بها. يغسل ويُجفف وسخ سيرتنا القديمة التي سلكنا فيها بمسالك غير مستقيمة، والغسل هنا على اساس التطهير...

طبعاً أمام هذا الحدث الجليل والرهيب باتضاع الخالق العظيم أمام المخلوق الضعيف يُذهل العقل وتُعقد الألسُن، فالخالق ينحني باتضاع أمام خليقته هذا حقاً لا يستوعبه عقل إطلاقاً أو يصدقه إنسان، فكيف الذي بيده قدر الخليقة ومن فيها والكل له يخضع أمام جلال مجد بهائه، ينحني ليغسل أقدام خليقته. فمن يستطيع أن يحتمل هذا ؟ من منا يحتمل أن يجلس أمام عريس النفس ورب الخليقة ليعطيه قدمه ليغسلها !!!

حقاً كان العذر لبطرس كل العذر عندما قال ليسوع في خجل شديد وحيرة وصدمة من انحناءه أمامه ليغسل قدميه: [ لن تغسل رجلي أبداً ]، ولكن الرب أعلمه أن ما يصنعه معه سرّ لا يستطيع أن يفهمه الآن، ولكنه سيفهمه فيما بعد، وأنه أن لم يغسله فلن يكون له نصيب معهُ في الملكوت، فمصيره في الملكوت مرتبط بغسل رجليه. إذن لم يكن الأمر مجرد غسل قدمين، بل شركة في ملكوت ابن الله وعمل تأهيلي لمن وُضعت عليه الضرورة للكرازة والتبشير. ولما عرف القديس بطرس ذلك قال عن عدم وعي: [ يا سيد ليس رجليَّ فقط بل أيضاً يديَّ ورأسي ]، فصحح له الرب فهمه الخاطئ قائلاً: [ الذي قد اغتسل (بالمعمودية وصار خليقة الجديدة وابناً لله في الابن الوحيد) ليس له حاجة إلا إلى غسل رجليه (أي تقويم سيرة حياته بالتوبة) ] (يوحنا 13: 10)

ولما أكمل الرب هذا الفعل السرائري العظيم، أخذ ثيابه ولبسها، وعاد واتكأ على المائدة وقال لهم: [ أتفهمون ما قد صنعت بكم ؟ فسكتوا ] لأنهم بالتأكيد لم يكونوا يفهمون شيئاً في تلك الساعة، ولكنهم – بالطبع – فهموا فيما بعد. فقال لهم الرب: [ أنتم تدعوني مُعلماً وسيداً وحسناً تقولون لأني أنا كذلك. فإن كنت وأنا السيد والمُعلم قد غسلت أرجلكم، فأنتم يجب عليكم أن يغسل بعضكم أرجل بعض، لأني أعطيتكم مثالاً حتى كما صنعت أنا بكم، تصنعون أنتم أيضاً بعضكم ببعض. إن عملتم هذا فطوباكم إن عملتموه ] (يوحنا 13: 13 – 17)

يا أخوتي أخشى أننا إلى الآن لم نفهم بعد ماذا صنع بنا الرب، وأخشى أننا إلى الآن لا نقدر أن نصفح عن أخطاء إخوتنا مع أن الرب قال أن نغسل أقدام بعضنا البعض، فمن يقدر على هذا وإلى الآن يحمل ضغينة في قلبه ولا يقدر على احتمال أخيه، فكم يكون بغسل أقدامه !!!
فهل يا ترى لم نستوعب وصية الله بعد ولا نقدر على أن نحيا بها قط : [ هذه هي وصيتي أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم (يوحنا 15: 12)، بهذا أوصيكم حتى تحبوا بعضكم بعضاً (يوحنا 15: 17)، وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضا كما أعطانا وصية (1يوحنا 3: 23)؛ أيها الأحباء لنحب بعضنا بعضاً لأن المحبة هي من الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله (1يوحنا 4: 7)؛ بهذا نعرف أننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله وحفظنا وصاياه (1يوحنا 5: 2)، يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق (1يوحنا 3: 18) ]

يا إخوتي لنصغي لكلام القديس بطرس الرسول الذي وعى جداً ما صنعه الرب معه فهو ينادينا عبر الدهور قائلاً لنا نحن أبناء هذا الجيل الصعب قائلاً على مستوى كل واحد الشخصي: [ طهروا نفوسكم في طاعة الحق بالروح للمحبة الأخوية العديمة الرياء فأحبوا بعضكم بعضا من قلب طاهر بشدة ] (1بطرس 1: 22) ، ولنصغي للرب محب البشر الذي قال لنا: [ من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً ] (مرقس 10: 43)


Read more: http://www.eg-copts.com/vb/t163552.html#ixzz3WivuXIsy

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;