يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة – المجيء الثاني والسهر الروحي
اليوم المكدس بالتعاليم الإلهية والأمثال
اليوم المكدس بالتعاليم الإلهية والأمثال
+ أحداث يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة:
لما رجع يسوع من بيت عنيا في صباح يوم الثُلاثاء إلى أورشليم، ورأى تلاميذه أن التينة التي لعنها الرب قد يبست، فتعجبوا (متى 21: 20 – 22). فكلمهم عن الإيمان (مرقس 11: 24 – 26) . ولما دخل يسوع الهيكل، سألهُ الفريسيون بمكرٍ: بأي سلطان تفعل هذا؟ ومن أعطاك هذا السُلطان؟. فأجابهم على سؤالهم بسؤاله لهم عن معمودية يوحنا من أين جاءت، أمِنَ الله أم من الناس (متى 21: 23 – 27 ؛ مرقس 11: 27 – 33 ؛ لوقا 20: 1 – 8)، ثم قال لهم مثل الابنين (متى 21: 28 – 32)، ومثل الكرَّامين الأردياء (متى 21: 33 – 46؛ مرقس 12: 1 – 12 ؛ لوقا 20: 9 – 19)، ومثل عُرس ابن الملك (متى 22: 1 – 14)، وبعد ذلك سأله الفريسيون عن جواز إعطاء الجزية لقيصر (متى 22: 15 – 22 ؛ مرقس 12: 13 – 17؛ لوقا 20: 20 – 26) ، كما سأله الصَّدوقيون أيضاً عن القيامة (متى 22: 23 – 33 ؛ مرقس 12: 18 – 27 ؛ لوقا 20: 27 – 40)، وسألهُ النَّاموسيُّون عن الوصية العُظمى (متى 22: 34 – 40 ؛ مرقس 12: 28 – 34)، ثم سأل هو الفريسيين عن اعتقادهم فيه، وأظهر لهم ريائهم (متى 22: 41 – 46 ؛ مرقس 12: 35 – 37 ؛ لوقا20 : 41 – 44). ثم حذر الجموع والتلاميذ من خُبث الكتبة والفريسيين (مرقس 12: 38 – 39 ؛ لوقا 20: 45 – 46 ؛ متى 23: 1 – 12).
ثم أعطى الويل للكتبة والفريسيين، ورثى أورشليم (متى 23: 13 – 39؛ مرقس 12: 40؛ لوقا 20: 47). ثم مدح الرب الأرملة المسكينة التي ألقت في الخزينة الفلسين وكانا هما كل ما تملك (مرقس 12: 41 – 44 ؛ لوقا 21: 1 – 4)، ثم طلب أُناس يونانيين أن يروه (يوحنا 12: 20 – 36). ثم تكلم قليلاً مع الجمع وترك الهيكل.
وفيما هو خارج من الهيكل أشار تلاميذه إلى فخامة وعظمة أبنية الهيكل، فأنبأهم بخرابه واضطهاد الأمم لهم، ورثى أورشليم لأجل خرابها (متى 24: 1 – 14؛ مرقس 13: 1 – 13؛ لوقا 21: 5 – 19). ولما صعد إلى جبل الزيتون، جلس هناك وابتدأ يشرح لبطرس ويعقوب ويوحنا واندراوس ترتيب الحوادث وعلامات المجيء الثاني وخراب أورشليم وانقلاب الأمة اليهودية (متى 24: 15 – 44؛ مرقس 13: 14 – 37؛ لوقا 21: 20 – 36)، ومجيئه الأخير في يوم الدينونة حاثاً إياهم على السهر (متى 24: 45 – 51). وقال مثل العشر عذارى، ومَثل الوزنات، وكان ذلك على جبل الزيتون (متى 25: 1 – 30). ولما أكمل يسوع هذه الأقوال كلها، قال لتلاميذه: [ تعلمون أنه بعد يومين يكون الفصح، وابن الإنسان يُسَلَّم ليُصلب ] (متى 25: 31 – 46)، ثم مضى إلى بيت عنيا ليستريح فيه. وفي هذا المساء تشاور رؤساء اليهود على قتله (متى 26: 1 – 16؛ مرقس 14: 1 – 11؛ لوقا 22: 1 – 6)
- قراءات يوم الثلاثاء من البصخة المقدسة:/
طبعاً مضمون قراءات يوم الثلاثاء من البَصخة المقدسة، فهو يدور حول موضوعين رئيسيين في هذا اليوم كما رأينا:
+ الموضوع الأول: انتهاء العالم والمجيء الثاني.
+ الموضوع الثاني نتيجة للموضوع الأول: السهر الروحي والاستعداد للقاء العريس السماوي.
فقراءات الكنيسة في الصباح تُمهد لموضوع المجيء الثاني، ثم شرحته في آخر إنجيليين – التاسعة والحادية عشر – بوضوح تام. ففيهما يعلن الرب عن مجيئه الثاني لدينونة العالم عندما يجلس على كرسي مجده ويُجازي كل واحد حسب أعماله. وعند هذا الإعلان يكون المزمور هو: [ كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب مُلكك ]. وفي هذه الساعة الحادية عشر تُضاف تسبحة البَصخة عبارة [ مُخلصي الصالح في ثوك تاتي جوم – لك القوة والمجد ... الخ ]، وذلك لأنه في تلك الساعة قد عيَّن الرب ميعاد صلبه بقوله: [ بعد يومين يكون الفصح، وابن الإنسان يُسلَّم ليُصلب ]
أما قراءات المساء فهي توضح أهمية السهر والاستعداد انتظاراً لمجيء الرب الأخير. وأما آخر إنجيل – وهو الساعة الحادية عشرة من ليلة الأربعاء – ففيه أصدر رؤساء الكهنة والفريسيُون أمراً، أنه إن عرف أحد أين هو فليُدل عليه ليمسكوه (يوحنا 11: 57).
يا إخوتي هذا اليوم هو يومنا الخاص الذي فيه لنا أن ننتبه بشدة لهذه التعاليم التي تخص أبديتنا، لأنها الآن ساعة إعلان لمجيء المُخلص ليدين المسكونة كلها بالعدل، ولنا أن ننتبه أن الساعة لا يعرفها أحد قط، فلا ينبغي أن نهمل أقوال الرب ونحسب ونظن أنه يُبطئ ونقول أين هو موعد مجيئه ونتراخى في كسل عن التوبة: [ ولكن إن قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر ] (لوقا 12: 45)
فيا إخوتي لنعلم يقيناً أنه: [ لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أُناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ] (2بطرس 3: 9)، فلنا أن نتوب الآن ونتوقع مجيئه – في أي لحظة – أو ذهابنا إليه، ساهرين على حياتنا لئلا يجردنا العدو من كل كنز النعمة ويجعلنا نفقد ما أعطانا الله إياه ويخطف كلمته المزروعة فينا، فلننتبه بشدة [ لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ ] (عبرانيين 10: 37)، فلنحب العريس السماوي بقلوبنا جداً ولنُهيئ مصابيحنا ونجعلها لامعة مُنيرة بالفضائل والإيمان الحي والرجاء الثابت الذي لا يتزعزع، لندخل معه العُرس ونجلس على المائدة الملوكية بفرح مع جميع من أحبوا الرب بكل قلوبهم، فلا نتراخى أو نتكاسل عن خلاصنا لأنه مصير حياتنا الأبدي الذي لن يعوضه مال الدنيا كله ولا كل ممتلكاتها الزائلة ولا كل راحة كاذبة....
+ [ فاذكر كيف أخذت وسمعت وأحفظ وتب، فإني، إن لم تسهر، أُقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أُقدم عليك (أُباغتك) ] (رؤيا 3: 3)
+ [ وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات ] (1بطرس 4: 7)
ويقول القديس مقاريوس الكبير: [ فإذا كنت قد صرت عرشاً لله، وجلس فوقك الراكب السماوي، ونفسك كلها قد صارت عيناً روحانية، وصارت نفسك كلها نوراً، وإذا كنت قد تغذيت بذلك الغذاء، غذاء الروح القدس، وإن كنت قد سُقيت من ماء الحياة، وإن كنت قد لبست ملابس النور الذي لا يوصف، وثَبت إنسانك الداخلي في اختبار هذه الأمور بملء الثقة واليقين، فإنك بذلك تكون حياً، إنك تحيا الحياة الأبدية بالحقيقة، وإن نفسك هي في الراحة مع الرب منذ الآن فصاعداً. انظر فها أنت قد قَبِلت هذه الأشياء من الرب وامتلكتها بالحق، لكي ما تحيا الحياة الحقيقية. ولكن إذا وعيت نفسك ووجدت أنه ليس عندك شيء من هذه الأشياء (التي سبق ذكرها) فحينئذٍ يلزم أن تبكي وتنوح وتحزن لأنك حتى الآن لم تجد الغنى السماوي الأبدي.
لذلك ينبغي أن تتوجع بسبب فقرك المُدقع، وتتضرع إلى الرب ليلاً ونهاراً لأنك قد سقطت في فقر الخطية المُرعب.
يا ليت كل إنسان يصير لهُ إحساس سريع وتوَجُّع بسبب فقره، ولا نسير في الحياة بلا مبالاة، مُكتفين كأننا قد امتلأنا، لأن الذي يحس بشدة فقرة، ويأتي إلى الرب ويسأله بالصلاة باستمرار، فأنه حالاً يحصل على الفداء والكنوز السماوية. كما قال الرب في ختام حديثه عن القاضي الظالم والأرملة "أفلا ينصف الله الذين يصرخون إليه ليلاً ونهاراً، نعم أقول لكم أنه ينصفهم سريعاً"(لوقا 18: 7)، الذي لهُ المجد والقوة إلى الأبد آمين ] (عظات القديس مقاريوس 1: 12)
وليكن لسان حال نفوسنا كما قال القديس ميثوديوس الأوليمبي على لسان النفس: [ إني مخطوبة للكلمة الإلهي، وجعالتي (مكافأتي – جائزتي) هي إكليل الأبدية والغنى الذي من عند الآب، وأنا أنتصر في الأبدية وأُتوَّج بزهور الحكمة المشرقة التي لا تذبُل... إني واحدة في الخورس مع المسيح الذي يوزع مكافآته في السماء، ذلك الخورس الواقف حول الملك غير المبتدئ الأبدي... لقد صرت حامله المصباح ذو أنوار لا يُدنى منها، واشترك في تسبيحه رؤساء الملائكة الجديدة. مُعلنة النعمة الجديدة التي للكنيسة ]
ويقول أيضاً ولنا هذا الكلام بالضرورة: [ امضين إذاً أيتها العذارى واملأن آنيتكن بالبرّ، لأن الساعة آتية عندما يجب أن تقومن وتقابلن العريس، أذهبن واتركن بخفة ملذات ومسرات الحياة التي تُربك النفس وبذا يُمكنكن أن تحصلن على الوعود الإلهية ]
وفي النهاية وبذلك الاستعداد يكون مدح العريس لنا: [ لقد سبيت قلبي يا أختي العروس، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك بقلادة واحدة من عُنقك، ما أحسن حبك يا أختي العروس، كم محبتك أطيب من الخمر، وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب (لأنها تطيبت برائحة العريس الزكية - واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأَسلَم نفسه لأجلنا قُربانا وذبيحة لله رائحة طيبة (أفسس 5: 2)؛ لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون (2كورنثوس 2: 15))، شفتاك يا عروس تقطران شهداً، تحت لسانك عسل ولبن (كلام تسبيح وصلوات مقدمة بمحبة للعريس السماوي) ورائحة ثيابك كرائحة لبنان (الشجر العطر من بخور وكل رائحة الزهر المنتشر على الجبال وفي الأودية) أختي العروس جنه مغلقة عين مقفلة، ينبوع مختوم (لا تفتح إلا لعريسها فقط) ] (نشيد 4: 6 – 12)
ونقول في الختام مع القديس أمبروسيوس: [ يلزمنا أن نكون دوماً يقظين ساهرين، لأن كلمة الله يقفز كغزال أو كالإيل (نشيد 2: 9)، يليق بالنفس التي تطلبه وتتوق إلى امتلاكه أن تكون في يقظة دائمة، وتحافظ على وسائل دفاعها.
"في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي" (نشيد 3: 1)... يلزم أن من يطلب باهتمام، يطلب وهو في فراشه، يطلب في المساء، فلا يكون لهُ ليالٍ ولا أجازات، لا يخلو وقته من خدمة صالحة. وإن لم يجده في بادئ الأمر فليُثابر في البحث عنه. لهذا تقوم النفس: "إني اقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق، وفي الشوارع" نشيد 3: 2 ]
فلنطلب إذن باهتمام بسعي واجتهاد دائم لا يتوقف، عريس نفوسنا يسوع لأن الرسول يقول: [ فاني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح ] (2كورنثوس 11: 2)، فلنجتهد يا أحبائي للسعي لنصل للعريس السماوي لنتحد به ونتشرب من محبة الثالوث القدوس فيه، لأنه وسيطنا الوحيد [ لأن به لنا كلينا قدوما في روح واحد إلى الآب ] (أفسس 2: 18)، [ الذي به لنا جراءة و قدوم بإيمانه عن ثقة ] (أفسس 3: 12)، [ ومهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه ] (1يوحنا 3: 22)، [ فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه ] (عبرانيين 4: 16)
وفي النهاية كل واحد ينظر لنفسه [ ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله لئلا يطلع أصل مرارة ويصنع انزعاجاً فيتنجس به كثيرون ] (عبرانيين 12: 15)
+ الموضوع الأول: انتهاء العالم والمجيء الثاني.
+ الموضوع الثاني نتيجة للموضوع الأول: السهر الروحي والاستعداد للقاء العريس السماوي.
فقراءات الكنيسة في الصباح تُمهد لموضوع المجيء الثاني، ثم شرحته في آخر إنجيليين – التاسعة والحادية عشر – بوضوح تام. ففيهما يعلن الرب عن مجيئه الثاني لدينونة العالم عندما يجلس على كرسي مجده ويُجازي كل واحد حسب أعماله. وعند هذا الإعلان يكون المزمور هو: [ كرسيك يا الله إلى دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب مُلكك ]. وفي هذه الساعة الحادية عشر تُضاف تسبحة البَصخة عبارة [ مُخلصي الصالح في ثوك تاتي جوم – لك القوة والمجد ... الخ ]، وذلك لأنه في تلك الساعة قد عيَّن الرب ميعاد صلبه بقوله: [ بعد يومين يكون الفصح، وابن الإنسان يُسلَّم ليُصلب ]
أما قراءات المساء فهي توضح أهمية السهر والاستعداد انتظاراً لمجيء الرب الأخير. وأما آخر إنجيل – وهو الساعة الحادية عشرة من ليلة الأربعاء – ففيه أصدر رؤساء الكهنة والفريسيُون أمراً، أنه إن عرف أحد أين هو فليُدل عليه ليمسكوه (يوحنا 11: 57).
يا إخوتي هذا اليوم هو يومنا الخاص الذي فيه لنا أن ننتبه بشدة لهذه التعاليم التي تخص أبديتنا، لأنها الآن ساعة إعلان لمجيء المُخلص ليدين المسكونة كلها بالعدل، ولنا أن ننتبه أن الساعة لا يعرفها أحد قط، فلا ينبغي أن نهمل أقوال الرب ونحسب ونظن أنه يُبطئ ونقول أين هو موعد مجيئه ونتراخى في كسل عن التوبة: [ ولكن إن قال ذلك العبد في قلبه سيدي يبطئ قدومه فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر ] (لوقا 12: 45)
فيا إخوتي لنعلم يقيناً أنه: [ لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتأنى علينا وهو لا يشاء أن يهلك أُناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة ] (2بطرس 3: 9)، فلنا أن نتوب الآن ونتوقع مجيئه – في أي لحظة – أو ذهابنا إليه، ساهرين على حياتنا لئلا يجردنا العدو من كل كنز النعمة ويجعلنا نفقد ما أعطانا الله إياه ويخطف كلمته المزروعة فينا، فلننتبه بشدة [ لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ ] (عبرانيين 10: 37)، فلنحب العريس السماوي بقلوبنا جداً ولنُهيئ مصابيحنا ونجعلها لامعة مُنيرة بالفضائل والإيمان الحي والرجاء الثابت الذي لا يتزعزع، لندخل معه العُرس ونجلس على المائدة الملوكية بفرح مع جميع من أحبوا الرب بكل قلوبهم، فلا نتراخى أو نتكاسل عن خلاصنا لأنه مصير حياتنا الأبدي الذي لن يعوضه مال الدنيا كله ولا كل ممتلكاتها الزائلة ولا كل راحة كاذبة....
+ [ فاذكر كيف أخذت وسمعت وأحفظ وتب، فإني، إن لم تسهر، أُقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أُقدم عليك (أُباغتك) ] (رؤيا 3: 3)
+ [ وإنما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات ] (1بطرس 4: 7)
ويقول القديس مقاريوس الكبير: [ فإذا كنت قد صرت عرشاً لله، وجلس فوقك الراكب السماوي، ونفسك كلها قد صارت عيناً روحانية، وصارت نفسك كلها نوراً، وإذا كنت قد تغذيت بذلك الغذاء، غذاء الروح القدس، وإن كنت قد سُقيت من ماء الحياة، وإن كنت قد لبست ملابس النور الذي لا يوصف، وثَبت إنسانك الداخلي في اختبار هذه الأمور بملء الثقة واليقين، فإنك بذلك تكون حياً، إنك تحيا الحياة الأبدية بالحقيقة، وإن نفسك هي في الراحة مع الرب منذ الآن فصاعداً. انظر فها أنت قد قَبِلت هذه الأشياء من الرب وامتلكتها بالحق، لكي ما تحيا الحياة الحقيقية. ولكن إذا وعيت نفسك ووجدت أنه ليس عندك شيء من هذه الأشياء (التي سبق ذكرها) فحينئذٍ يلزم أن تبكي وتنوح وتحزن لأنك حتى الآن لم تجد الغنى السماوي الأبدي.
لذلك ينبغي أن تتوجع بسبب فقرك المُدقع، وتتضرع إلى الرب ليلاً ونهاراً لأنك قد سقطت في فقر الخطية المُرعب.
يا ليت كل إنسان يصير لهُ إحساس سريع وتوَجُّع بسبب فقره، ولا نسير في الحياة بلا مبالاة، مُكتفين كأننا قد امتلأنا، لأن الذي يحس بشدة فقرة، ويأتي إلى الرب ويسأله بالصلاة باستمرار، فأنه حالاً يحصل على الفداء والكنوز السماوية. كما قال الرب في ختام حديثه عن القاضي الظالم والأرملة "أفلا ينصف الله الذين يصرخون إليه ليلاً ونهاراً، نعم أقول لكم أنه ينصفهم سريعاً"(لوقا 18: 7)، الذي لهُ المجد والقوة إلى الأبد آمين ] (عظات القديس مقاريوس 1: 12)
وليكن لسان حال نفوسنا كما قال القديس ميثوديوس الأوليمبي على لسان النفس: [ إني مخطوبة للكلمة الإلهي، وجعالتي (مكافأتي – جائزتي) هي إكليل الأبدية والغنى الذي من عند الآب، وأنا أنتصر في الأبدية وأُتوَّج بزهور الحكمة المشرقة التي لا تذبُل... إني واحدة في الخورس مع المسيح الذي يوزع مكافآته في السماء، ذلك الخورس الواقف حول الملك غير المبتدئ الأبدي... لقد صرت حامله المصباح ذو أنوار لا يُدنى منها، واشترك في تسبيحه رؤساء الملائكة الجديدة. مُعلنة النعمة الجديدة التي للكنيسة ]
ويقول أيضاً ولنا هذا الكلام بالضرورة: [ امضين إذاً أيتها العذارى واملأن آنيتكن بالبرّ، لأن الساعة آتية عندما يجب أن تقومن وتقابلن العريس، أذهبن واتركن بخفة ملذات ومسرات الحياة التي تُربك النفس وبذا يُمكنكن أن تحصلن على الوعود الإلهية ]
وفي النهاية وبذلك الاستعداد يكون مدح العريس لنا: [ لقد سبيت قلبي يا أختي العروس، قد سبيت قلبي بإحدى عينيك بقلادة واحدة من عُنقك، ما أحسن حبك يا أختي العروس، كم محبتك أطيب من الخمر، وكم رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب (لأنها تطيبت برائحة العريس الزكية - واسلكوا في المحبة كما أحبنا المسيح أيضاً وأَسلَم نفسه لأجلنا قُربانا وذبيحة لله رائحة طيبة (أفسس 5: 2)؛ لأننا رائحة المسيح الذكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون (2كورنثوس 2: 15))، شفتاك يا عروس تقطران شهداً، تحت لسانك عسل ولبن (كلام تسبيح وصلوات مقدمة بمحبة للعريس السماوي) ورائحة ثيابك كرائحة لبنان (الشجر العطر من بخور وكل رائحة الزهر المنتشر على الجبال وفي الأودية) أختي العروس جنه مغلقة عين مقفلة، ينبوع مختوم (لا تفتح إلا لعريسها فقط) ] (نشيد 4: 6 – 12)
ونقول في الختام مع القديس أمبروسيوس: [ يلزمنا أن نكون دوماً يقظين ساهرين، لأن كلمة الله يقفز كغزال أو كالإيل (نشيد 2: 9)، يليق بالنفس التي تطلبه وتتوق إلى امتلاكه أن تكون في يقظة دائمة، وتحافظ على وسائل دفاعها.
"في الليل على فراشي طلبت من تحبه نفسي" (نشيد 3: 1)... يلزم أن من يطلب باهتمام، يطلب وهو في فراشه، يطلب في المساء، فلا يكون لهُ ليالٍ ولا أجازات، لا يخلو وقته من خدمة صالحة. وإن لم يجده في بادئ الأمر فليُثابر في البحث عنه. لهذا تقوم النفس: "إني اقوم وأطوف في المدينة، في الأسواق، وفي الشوارع" نشيد 3: 2 ]
فلنطلب إذن باهتمام بسعي واجتهاد دائم لا يتوقف، عريس نفوسنا يسوع لأن الرسول يقول: [ فاني أغار عليكم غيرة الله لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح ] (2كورنثوس 11: 2)، فلنجتهد يا أحبائي للسعي لنصل للعريس السماوي لنتحد به ونتشرب من محبة الثالوث القدوس فيه، لأنه وسيطنا الوحيد [ لأن به لنا كلينا قدوما في روح واحد إلى الآب ] (أفسس 2: 18)، [ الذي به لنا جراءة و قدوم بإيمانه عن ثقة ] (أفسس 3: 12)، [ ومهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه ونعمل الأعمال المرضية أمامه ] (1يوحنا 3: 22)، [ فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه ] (عبرانيين 4: 16)
وفي النهاية كل واحد ينظر لنفسه [ ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله لئلا يطلع أصل مرارة ويصنع انزعاجاً فيتنجس به كثيرون ] (عبرانيين 12: 15)
نعمة ربنا يسوع تحفظ نفسي ونفوسكم في خوف اسمه القدوس
انتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير (1بطرس 1: 5)
انتم الذين بقوة الله محروسون بإيمان لخلاص مستعد أن يعلن في الزمان الأخير (1بطرس 1: 5)
Read more: http://www.eg-copts.com/vb/t163545.html#ixzz3WbyGsuB8