المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 25 يناير 2015

البرهان الأخلاقي على وجود الله بقلم بول كوبان


البرهان الأخلاقي على وجود الله بقلم بول كوبان






الفيلسوف جون ريست محق؛ إذ أنه من “المعترف به أنّ هناك أزمة في الجدل الغربي المعاصر حول الأساسات الأخلاقية”1. ويبدو أن جوهر الأزمة ناتج عن التطرق إلى الأخلاقيات من دون الإشارة إلى الله. فمتى تمّ الفصل بين الجانب الأخلاقي وجذوره اللاهوتية، يتعذّر على الأخلاق الدنيوية الاستمرار، فتذبل وتتلاشى وتموت.

يمكنني رسم مخطط دفاع ملخص حول العلاقة بين الله والقيم الأخلاقية الموضوعية (وهو أمرٌ توسّعت فيه في كتاباتٍ أخرى لي) 2. وأجادل هنابأنه في حال كانت القيم الأخلاقية الموضوعية موجودةً، فإنّ الله موجود؛ والقيم الأخلاقية الموضوعية موجودةٌ، بالتالي، إنّ الله موجود. ولحلّ الأزمة الأخلاقية، علينا التعرّف إلى شخصية الله الجيّد (الذي خُلق على صورته ومثاله الإنسان القيّم) على أنه الأساس الضروري للأخلاقيات وحقوق الإنسان وكرامته.

1. القيم الأخلاقية الموضوعية موجودة: وهي أساسية إلى حدّ بعيد: القيم الأخلاقية موجودة أكان الشخص أو الثقافة يؤمنان بها (“موضوعية)أم لا. ويسلّم الناس العاملين بشكلٍ طبيعي جدلاً بأنها الأساس لسعادتهم وصحتهم وازدهارهم.

أ. وليس على البشر أن يكتشفوا معنى الأخلاقيات بقراءتهم للإنجيل، فهذا النوع من المعرفة متوفر للجميع. وتقول الرسالة إلى أهل روما2: 14-15 إنّ من ليسوا على علمٍ بتجسّد الله الخاص (الكتاب المقدس، يسوع المسيح) يمكنهم معرفة الصحيح من الباطل. ففي وعيهم يكمن تجسّد الله العام للقانون الأخلاقي الأساسي:”لأَنَّهُ الأُمَمُ الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمُ النَّامُوسُ، مَتَى فَعَلُوابِالطَّبِيعَةِ مَا هُوَ فِي النَّامُوسِ، فَهؤُلاَءِ إِذْ لَيْسَ لَهُمُ النَّامُوسُهُمْ نَامُوسٌ لأَنْفُسِهِمِ”. (الرسالة إلى أهل روما 2: 14 NASB). فلا عجب أن يكونوا قد خلقوا على صورة الله ومثاله (التكوين 1:26-7). فهم مكونون للعمل بطريقة صحيحة متى عاشوا وفق تصميم الله. لذا، فإن الناس (بمن فيهم الملحدين) الذين لم تقسَ قلوبهم أو لم يغشوا أنفسهم، سيكون لديهم المقدرة الطبيعية الأخلاقية نفسها كما المسيحيين، فيدركون أنّ تعذيب الأطفال للتسلية (والاغتصاب والزنا)خطأ، والطيبة خيرة.

فمتى قال شخصٌ: “ربما القتل والاغتصاب ليسا فعلي شر بحق”، هو لا يحتاج إلى برهان. فهو يغشّ نفسه. ولو كان يؤمن ذلك بحق، فمايحتاج إليه هو المساعدة الروحية أو النفسية فهو لا يعمل بشكلٍ صحيح. حتى النسبيين الذين يدّعون بأنه يمكن أن تكون قيم شخص ما حقيقية بالنسبة إليه ولكن ليس بالنسبة إلى الغير،هم على الأرجح من يقولون: “لي حقوق” أو “يجب أن تكون متسامحاً”.غير أنّ الحقوق والتسامح تكون بغير معنى في حال كان المذهب النسبي صحيح. على العكس،يستتبعون كنتيجة لا بد منها بأنّ القيم الأخلاقية الموضوعية موجودة.

ب. وببساطة، كما نثق بشكلٍ عام بأنّ إدراكناالحسي يعوّل عليه (إلا في حال توفّر سبب وجيه للشك به)، علينا اعتبار الحدس الأخلاقيالعام (مقت تعذيب الأطفال للتسلية والاغتصاب والقتل) بريئاً إلى حين تبيان العكس. فلمَنثق بالحواس الخمسة؟ يجد معظمنا أنه يعوّل على الحواس الخمسة بانتظام. وحتى لو كان إدراكنا للأشياء خاطئاً من وقتٍ إلى آخر، فإننا حكماء للانتباه إلى حواسنا بدلاً من الشك بها بشكلٍ ثابتٍ. وبطريقةٍ مماثلة، فإننا نتمتع بمواهب أخلاقية أساسية، فعلى سبيل المثال، الاشمئزاز من إنهاء حياة إنسان بريء أو من الاغتصاب (“عامل القرف”) أو الإثبات الداخلي فيما يتعلق ببذل النفس من أجل صحة وسعادة ولدي (“العامل الإيجابي”).ومن هنا عبء البراهين الذي يثقل كاهل أولئك الذين ينكرون المبادئ الأخلاقية الأساسية ويشككون بها. ونحن حكماء بما يكفي للانتباه إلى هذه المقدرة الطبيعية الأخلاقية الأساسية،حتى ولو كان هذا الحدس بحاجةٍ إلى تعديل من وقتٍ إلى آخر.

وقد يجد الأشخاص الذين يرون الأخلاقيات بعينٍحساسة أنّ الأساسيات صحيحة فيما يتعلق بالأخلاقيات. وفي ملحق كتاب س.س. لويس ,3TheAbolition of Man،يضع الكاتب قائمةً بقيم عديدة تم قبولها علىمر التاريخ والحضارات (اليونانية والمصرية والبابلية والأميركية الأصلية والهندية واليهوديةوغيرها). فتدان السرقة كما القتل في هذه القوانين، في حين أن احترام الوالدين وقسمالزواج يلقى الإطراء.

وقد يذهب البعض إلى المجادلة فيقولون: أوليسهناك تعارض أخلاقي أيضاً؟ فبعض الحضارات تسمح بتعدد الزوجات، على سبيل المثال. وهوأمرٌ صحيح، غير أنّ عادات الزواج وتقاليده التي تسمح بتعدد الزوجات تمنع في الوقت نفسهالزنا. وفي حين يختلف تطبيق المبادئ الأخلاقية وعباراته من ثقافة إلى أخرى، إلا أنّهناك مبادئ أخلاقية أساسية تتخطى الحاجز الثقافي. ماذا يحصل في حال واجهنا (على الأقلظاهرياً)

مبادئ أخلاقية متضاربة؟ نبدأ من الحالات الواضحة أخلاقياً لنصل إلى تلكغير الواضحة. باعتبار تضارب أخلاقي ظاهر، يكون من الخاطئ الاستنتاج بأنّ الأخلاقياتنسبية. وفي هذا الإطار، يقول مؤلف المعاجم سامويل جونسون: “لا يعني واقع وجودما يُعرف بالأفق أننا غير قادرين على التمييز بين النهار والليل.”

ت. المبادئ الأخلاقية مكتشفة، لم يتم اختراعها.أما الإصلاحات الأخلاقية (محو العبودية وتأييد حق المرأة بالانتخاب وتعزيز الحقوق المدنيةللسود) فتكون بلا معنى إلا في حال كانت القيم الأخلاقية الموضوعية موجودة. وحتى لوتطلّب خلق جو الإصلاح وقتاً (أو حتى مئات الأعوام)، فذلك لا يعني بأنّ الأخلاقيات تتطورفقط خلال التاريخ الإنساني بأنها وليدة الاختراع البشري. على العكس، تقترح بشكل أكبرأن المبادئ الأخلاقية يمكن اكتشافها وهي تستحق النضال من أجلها، حتى ولو كان الثمنباهظاً.

ويسلم الفيلسوف الملحد كاي نيلسون جدلاً بمايلي: “من الأكثر صواباً في التفكير الإيمان بأنّ مثل هذه الأمور الرئيسية ]ضربالزوجة وإساءة معاملة الطفل[ أعمال شر، بدلاً من الإيمان بأي نظرية قابلة للشك تقولبأنه لا يمكننا معرفة أن أي من هذه الأمور أعمال شريرة أو الإيمان بعقلانية بذلك…أؤمن إيماناً ثابتاً بأنّ هذه الحقيقة عميقة وصحيحة وأنّ أي شخص لا يؤمن بها لا يمكنهأن يكون قد تعمّق في معتقداته الأخلاقية”.4

2. الله والأخلاقيات الموضوعية على اتصال وثيق:ليس من النادر سماع أنّه “يمكن أن يكون الملحدون خيّرين من دون الله”. ويجادلالملحد مايكل مارتين قائلاً إن المؤمنين يعطون الأسباب نفسها كما الملحدين حول اعتبارالاغتصاب جرماً، فهو يعتدي على حقوق الضحية ويضر بالمجتمع. وما يعنيه مارتين أنّ الملحدينيمكنهم أن يكونوا خيّرين من دون الإيمان بالله، غير أنهم لن يكونوا خيّرين (أي يتمتعونبقيمة جوهرية أو مسؤولية أخلاقية أو غير ذلك) من دون الله. (فبالفعل، لن يكون أي شيءموجوداً من دونه). ويعني ذلك، أنّ البشر خُلقوا على صورة الله ومثاله، وبالتالي، يمكنهممعرفة الخير من الشر حتى ولو لم يؤمنوا بالله. إنّ الملحدين والمؤمنين قادرون على تأكيدالقيم نفسها، غير أنّ المؤمنين يستندون في إيمانهم بحقوق الإنسان والكرامة على كونناخُلقنا جميعاً على صورة ومثال كيانٍ أسمى قيمةً.

فكروا بالأمر: لا يأتي الأشخاص القيّمين جوهرياًوالمفكرين من العمليات غير الشخصية وغير الواعية وغير المرشدة وغير القيمة عبر الوقت.ويوفر الله الشخصي والخيّر والمدرك لوجوده الذاتي والذي له هدف، المضمون الطبيعي والضروريلوجود البشر القيّمين والمساندين للحقوق والمسؤولين أخلاقياً. الأمر الذي يعني أنّالوجود كشخص والأخلاقيات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً؛ فجذور القيم الأخلاقية كامنة في الوجودكشخص. ومن دون الله (كيان شخصي)، لا وجود للأشخاص، وبالتالي لا وجود للقيم الأخلاقيةمطلقاً: لا وجود كشخص يعني لا وجود للأخلاق. بوجود الله فقط تتحقق الخصائص الأخلاقية.

3. تكون النظريات الأخلاقية غير المؤمنة غيركاملة وغير وافية: قد يقترح بعض الدنيويين أنه يمكن أن يكون لدينا أنظمة أخلاقية لاتمتّ لله بصلة ولا تشير إليه (مثل أرسطو وكانت). ولكن، في حين قد يكون لها بعض المساهماتالإيجابية في المناقشات الأخلاقية (فيما يتعلق بالفضيلة/الصفة الأخلاقية أو الموجباتالأخلاقية العالمية)، تبقى أنظمتها غير مكتملة حتى الآن. فهي لا توفّر السبب وراء وجودقيمة جوهرية وحقوق وموجبات أخلاقية للبشر.

ماذا عن الأخلاقيات الناشئة طبيعياً، والتي نطورمن خلالها إدراكاً للخير والشر وموجبات أخلاقية لمساعدتنا على البقاء/التكاثر؟ للإدراكالأخلاقي قيمة بيولوجية فقط. 5 ينتج عن مثل هذه المقاربة المشاكل التالية: أولاً هليمكننا حتى الوثوق بعقلنا إذا لم نكن أكثر من نتيجة للنشوء الطبيعي، نحاول الكفاح والشبعوالفرار والتكاثر؟ كان لشارل داروين “الشك المروع” الذي يقول بموجبه أنهبما أنّ العقل البشري تطور من الحيوانات الأقل منه شأناً، فلم نثق به؟ لم نثق بقناعاتعقل القرد؟6 إن عملية النشوء الطبيعية تهتم بالهيئة/البقاء لا بالإيمان الحقيقي؛ وبالتالي،ليست الأخلاقيات الموضوعية مضعفة وحسب، بل التفكير العقلاني مضعف أيضاً. فيمكن أن تساعدنامعتقداتنا، بما فيها المعتقدات الأخلاقية، على البقاء، ولكن قد تكون خاطئة بالكامل.فالمشكلة بالشكوكية (بما فيها الشكوكية الأخلاقية) تكمن في أنني أفترض عملية تفكيرجديرة بالثقة للاستنتاج بأنني لا أثق بتفكيري! إذا كنا نثق بقدراتنا المنطقية والأخلاقية،فسنفترض وجهة نظر مؤمنة، ألا وهي أنّ خَلقنا على صورة ومثال كائن صادق وعاقل وخيّرهو السبب في ثقتنا بحواسّنا/بحدسنا الأخلاقي.

بالإضافة إلى ذلك، تبقى المشكلة التالية: إذاكان البشر نتيجة النشوء الطبيعي ببساطة، فما من أساس للموجبات الأخلاقية والكرامة البشرية.الأمر الذي يؤدي بسهولة إلى إضعاف الحافز الأخلاقي. وقد اعترف المفترس الجنسي وآكللحوم البشر جيفري داهمر بخطورة المسألة: “لو كان كل شيء يحصل طبيعياً، فما الحاجةإلى الله؟ ألا يمكنني تحديد قوانيني بنفسي؟ من يمتلكني؟ أنا أمتلك نفسي.” 7

ولتعزيز فكرة ارتباط الله والأخلاقيات بشكلٍأكبر، دونها عدد من الملحدين والشكوكيين. فقد قال الملحد الفيلسوف ج.ل. ماكي إن الخصائصالأخلاقية “مريبة” بأخذ المذهب الطبيعي بالاعتبار “ففي حال وجود قيمموضوعية، تجعل بالتالي وجود الله ممكناً أكثر مما لو كان من دونها. بالتالي، ندافعبالحجة من خلال الأخلاقيات عن وجود الله8.” وبحسب المجادل بول درابر: “العالم الأخلاقي كبير الاحتمال بنتيجة الإيمانبوجود الله”.9

وكما يؤكده إعلان الاستقلال، “الخالق منحالإنسان بعض الحقوق الأساسية”. وهذا الخالق الخيّر هو الأساس الحقيقي للأخلاقياتوالأمل الأسمى لإنقاذها من أزمتها الحالية.

تتوفر التعليقات الختامية باللغة الإنكليزية:

1John Rist,Real Ethics (Cambridge: Cambridge University Press, 2003), p. 1.

2 SeePaul Copan, “Is Michael Martin a Moral Realist? Sic et Non.”Philosophia Christi, new series 1/2 (1999): 45-72; “Atheistic GoodnessRevisited: A Personal Reply to Michael Martin,” Philosophia Christi, newseries 2/1 (2000); p. 91-104; “The Moral Argument” in The Rationalityof Theism, ed. Paul Copan and Paul K. Moser (London: Routledge, 2003),pp.149-74; “A Moral Argument” in To Every One An Answer: A Case forthe Christian Worldview: Essays in Honor of Norman L. Geisler, eds. FrancisBeckwith, William Lane Craig, and J. P. Moreland (Downers Grove, Ill.:InterVarsity Press, 2004), pp. 108-23; “Morality and Meaning Without God:Another Failed Attempt,” Philosophia Christi, new series 6/1 (2004); pp.295-304; “God, Hume, and Objective Morality” in In Defense of NaturalTheology: A Collection of New Essays in the Philosophy of Religion, eds.Douglas R. Groothuis and James R. Sennett (Downers, Grove, InterVarsity Press,2005), pp. 200-25.

3 C.S.Lewis, The Abolition of Man (San Francisco: HarperSF, 2001).



4KaiNielsen, Ethics Without God (Buffalo: Prometheus Books, 1990), pp. 10-11.

5 MichaelRuse, The Darwinian Paradigm (London: Routledge, 1989), p. 262.

6 Letter(3 July 1881) to Wm. G. Down, in The Life and Letters of Charles Darwin, ed.Francis Darwin (London: John Murray, Abermarle Street, 1887), pp. 1:315-16.

7 JeffreyDahmer: The Monster Within, A&E Biography (1996).

8 J.L. Mackie, The Miracle of Theism (Oxford: Clarendon Press, 1982), pp. 115-16.

9 InGreg Ganssle, “Necessary Moral Truths” Philosophia Christi, newseries 2, 2/1 (2000), p. 111.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;