نصائح القديس الأنبا أنطونيوس الكبير
القديس العظيم الأنبا أنطونيوس (1): نصائح كما هي وارده في الفلوكاليا اليونانية (170 نصيحه) ترجمة د. جورج عوض
1- يُدعّى البشر - عن مغالاة مبالغ فيها – أنهم عُقلاء . ليس الذين تعلموا كُتب الحكماء القدماء وأقوالهم هم عُقلاء ، بل الذين لديهم نفس عاقلة ويستطيعوا ان يميزون ما هو الخير وما هو الشر . وهكذا يتجنبون الشرور وفساد الضمير ( النفس ) ، وايضاً يدرسون بجدية الصالحات وما يفيد النفس ويعملون ، بشكر عظيم ، ما يقربهم تجاه الله . هؤلاء فقط يجب ان يُدعّون حقاً أناس عقلاء .
2- الإنسان العاقل حقاً هو الذي ينشغل فقط بطاعة الله ويكون شاكر لله ، رب الكل ، وعندئذٍ فقط تمارس نفسه : كيف يصير شاكر لله من أجل عنايته العظيمة وقيادة كل العالم مهما كانت مكانة هذا الإنسان في الحياة. لأنه من غير المعقول أن نشكر الأطباء عندما يعطون لنا أدوية مُره تسبب غثيان من أجل صحة أجسادنا ، في حين اننا نكون ناكري الجميل لله لأجل كل ما يبدو لنا محزن ، وان لا نعترف بأن الكل يصير كما يجب وتجاه مصلحتنا وفق عنايته . لأن الإعتراف بهذا والإيمان بالله هما خلاص النفس وكمالها .
3- الإنضباط والصفح والتدبر بحكمة وطول الأناه والصبر ومثل هذه الإمكانيات العظيمة والفاضلة التي أعطاها لنا الله والتي تعضدنا وتعيننا ضد نظيرتها الشريرة . ينبغي ان نتدرب على هذه الإمكانيات والقدرات وتكون لدينا متأهبة للإستخدام ، عندئذٍ نثق انه لن يحدث لنا أي شيء صعب أو محزن أو ثقيل . لأننا نفكر بأن كل شيء يصير بالصواب وكما يجب لأجل فائدتنا ، لكي تتلألأ فضائلنا ونُتوج من قِبَل الله .
4- إعتبر ان إمتلاك الأموال وإهدارها مثل الخيال الذي سرعان ما يزول ، وإعرف ان الحياة الفاضلة والتي تسر الله تختلف عن الغنى . عندما تدرس هذا الأمر بثبات ، سوف لا تحزن ولا سوف تشتكي أحد بل سوف تشكر الله على كل الإحسانات التي أعطاها لك وأنت تنظر الأسوء منك يستندون على الأقوال والأموال . لأن الشهوة والمجد الباطل من أسوء شهوات النفس .
5- الإنسان العاقل يلاحظ ذاته ويفحص ما يجب ان يعمله وما يفيده وما هو الذي لا يليق به . وهكذا يتجنب تلك الأعمال التي تضر النفس ، بكونها غريبة وأنها تفصله عن الحياة الأبدية .
6- كلما كان المرء يمتلك ثروة أقل ، كلما يكون أكثر سعادة . لأنه لن يعمل حساب أشياء كثيرة ، لن ينشغل بخَدم كثيرين ولا أعمال زراعية ولا إقتناء حيوانات . وعندما نندمج في كل هذه الأعمال وبعد ذلك تحدث صعوبات ما نشتكي الله . إننا بشهواتنا العشوائية نتغذى بالموت وهكذا نظل في ظلام الحياة الخاطئة في الضلال بدون ان نتعرف على ذواتنا الحقيقية .
7- لا يجب ان يقول المرء أنه ليس من الممكن ان يحقق الإنسان حياة الفضيلة ، بل يقول ان هذا ليس من السهل . ولا المحظوظون يستطيعوا ان يحققوا الفضيلة . يحقق الفضيلة كل الذين هم أتقياء ولديهم ذهن يحب الله . لأن ذهن الكثيرين هو عالمي وسهل التغيير . فهو يفكر مرةً أفكاراً صالحة ومرةً أخرى أفكاراً شريرة . ويتغير هذا الذهن عن طبيعته ويصير أكثر مادية . لكن الذهن الذي يحب الله يدين الشر الذي يأتي طوعاً إلى البشر من جراء إهمالهم .
8- العاطلون نفسياً والجهلاء يعتبرون هذه الأقوال أمر مضحك ولا يريدوا ان يسمعونها لأنها تبكت حالتهم ويريدون ان يكونوا جميعهم متساوون . أيضاً وأولئك الذين هم مستسلمون للشهوات الجسدية يحرصون على ان يكون كل الآخرون أسوء منهم معتقدين هؤلاء التعساء انه بسبب انه سوف يكون الخطاة كثيرون سوف يتحصنوا هم أنفسهم ويكونوا في أمان من أي إدانة . النفس الخاملة تهلك وتظلّم بسبب الشر ، لأن في داخلها يوجد الإسراف والتفاخر والشراهة والغضب والوقاحة والهوس والقتل والسأم والحسد والطمع والقنص والألم والكذب واللذة والكسل والحزن والجُبن والمرض والكُره وحُب الإدانة والضعف والضلال والجهل والخداع ونسيان الله . بمثل هذه الشرور تُعاقب النفس البائسة التي تُفصل عن الله .
9- أولئك الذين يريدون ان يحيوا الحياة الفاضلة والكريمة لا يجب ان يُميزوا بطرق مزيفة وبالحياة الكاذبة بل مثل الرسامين والنحاتين يظهرون بأعمالهم حياتهم الفاضلة والمُحِبة لله ، وكل اللذات الشريرة يتجنبونها كأنها مصائد خادعة .
10- الغني والشريف الجنس الذي لا يملك حياة فاضلة ونفس متيقظة دؤبة في عمل الصلاح هو أكثر بؤساً ، وليس مثل أولئك الذين يمتحنون كل شيء بإستقامة . أما الذين هم من طبقة الفقراء والعبيد ، لو كانوا يملكون حياة فاضلة ويتحلون بنفس يقظة متأهبة لعمل الصلاح ومزينين بالفضيلة يكونون سعداء . ومثل الغرباء الذين يضلون الطريق ، هكذا أولئك أيضاً الذين لا يحرصون على إكتساب الحياة الفاضلة يضلون هنا وهناك منجذبين لشهواتهم ويهلكون ذواتهم .