الله خلق الكل بكلمته وحكمته - القديس إيرينيوس
الله خلق الكل بكلمته وحكمته
القديس إيرينيوس – الكرازة الرسولية – ترجمة د.نصحي عبد الشهيد و د.جورج عوض – فقرة4،5
في الحقيقة، إن كل المخلوقات تستمد بالضرورة بداية وجودها من علة أولى عظيمة، وعلة كل الأشياء هو الله. الكل يأتى منه، أما هو فلم يُوجِده أحد. لذا فإنه من الاستقامة والحق أن نؤمن بأنه يوجد إله واحد، الآب، الذي خلق الكل[1]، وصنع كل ما لم يكن موجودًا من قبل، وهو يحوى "الكل"، هذا الذي هو نفسه غير المحوى من أى شئ. كما أن العالم يدخل في نطاق ذلك "الكل" الذي يحويه الله ومن بين هذا "العالم" الإنسان أيضًا، وبالتالى فإن الله خلق هذا العالم كله.
ويتضح تعليم إيماننا في الآتى: واحد فقط هو الله، الآب، غير مولود، غير منظور خالق الجميع، فوقه لا يوجد إله آخر[2]. ولأن الله هو ناطق فقد خلق كل الأشياء بكلمته. ولأن الله روح ولذلك فقد زيّن كل الأشياء بروحه، كما يقول النبى " بكلمة الرب صُنعت السموات وبنسمة فيه كل جنودها"[3]. وبينما الكلمة يؤسس أى يعطى الكائن جوهره ويمنحه الوجود، فإن الروح يمنح الشكل والجمال لهذه القوات المختلفة، لذا فإنه من الصواب أن يُدعى الابن كلمة الله، بينما يُدعى الروح حكمة الله[4]. لذلك بالصواب أيضًا يقول بولس: " إله وآب واحد للكل الذي على الكل وبالكل وفي كلكم"[5]. فالآب هو " فوق الجميع"، والكلمة "بالكل" “ di£ p£ntwn“، طالما أن كل الأشياء بواسطته[6] خُلقت من الله. الروح هو فينا جميعًا " في كلنا ἐn pάsin hm‹n " وهو يصرخ " يا أبا الآب"[7].
كما أنه يمنح الإنسان أن يكون على صورة الله. والروح أيضًا يُظهر الكلمة[8]، لذلك تنبأ الأنبياء عن ابن الله. والكلمة أيضًا متحد بالروح. لذلك فهو يفسر[9] كتب الأنبياء ويُدخل الإنسان إلى الآب.
[1] راجع الراعى هرماس، الرؤيا الأولى I:6، III:4، الآباء الرسوليون، عربه عن اليونانية مطران حلب إلياس معوض، منشورات النور، 1970، ص174، 176.
[2] راجع الحوار مع تريفو6:5 أيضًا انظر ضد الهرطقات1:1:1، 3:28:1.
[3] مز6:33
[4] راجع AH2:47:2, 3:28:2.
[5] أف6:4 راجعAH4:34::2, 5:18:1 . نفس هذه الآية يستخدمها أيضًا القديس أثناسيوس فى رسائله عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، قائلاً: [فالآب بالكلمة فى الروح القدس يعمل كل الأشياء، وهكذا تُحفظ وحدة الثالوث القدوس سالمة. وهكذا يُكرز بإله واحد فى الكنيسة " الذى على الكل وبالكل وفى الكل" (أف6:4). "على الكل" كأب، وكبدء، وكينبوع، "وبالكل" أى بالكلمة. "وفى الكل" أى فى الروح القدس، هو ثالوث ليس فقط بالاسم وصيغة الكلام بل بالحق والوجود الفعلى] رسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، ترجمة د. موريس تاوضروس ود. نصحى عبد الشهيد، مركز دراسات الآباء، القاهرة1994، الرسالة الأولى: 28 ص83.
[6] أيضًا القديس أثناسيوس فى كتابه "تجسد الكلمة" يؤكد فى الفصل الأول على أن [الآب الصالح يضبط كل الأشياء بالكلمة، وأن كل شئ به وفيه يحيا ويتحرك] تجسد الكلمة1:1 ترجمة د. جوزيف موريس، المركز الأرثوذكسى للدراسات الآبائية، القاهرة2002، أيضًا انظر3:3، 1:17، 4:42ـ6، وضد الوثنيين 1:41.
[7] غلا6:4
[8] وشرح القديس أثناسيوس هذا الأمر فيما بعد قائلاً: [الروح القدس لا يمكن أن يكون ملاكًا ولا مخلوقًا على الإطلاق، بل هو خاص بالكلمة] رسائل عن الروح القدس إلى الأسقف سرابيون، المرجع السابق، الرسالة الأولى: 27.
[9] إيرينيوس ينسب إلهام الأنبياء إلى الروح القدس (الكرازة الرسولية6و9و40و100)، وأيضًا ينسبه إلى اللوغوسAH4:34:4، انظر أيضًا الكرازة الرسولية73.