الرب قد ملك على خشبة _ يوستين الشهيد
أنني بالتأكيد لا أثق في معلميكم (اليهود)، إذ لا يعترفون بصحة ترجمة الأسفار المقدسة التي قام بها السبعون شيخاً في بلاط بطليموس ملك مصر ويحاولون عمل ترجمة أخرى خاصة بهم. ويجب أن تعلموا أيضاً أنهم حذفوا أجزاء كبيرة من النسخة التي ترجمها هؤلاء الشيوخ الذين كانوا مع بطليموس، تلك الأجزاء التي تشير بوضوح إلى أن المصلوب هو إله وإنسان وإنه سيُصلب ويموت ...
في المزمور 95 (96) تم حذف عبارة "على خشبة" ففي حين أن النص يقول بين الأمم: الرب قد ملك على خشبة، فقد تركوا فقط: قولوا بين الأمم: الرب قد ملك".
والآن، لا يوجد أحد من شعبكم قبل إنه ملك كإله ومَلَكَ على الأمم سوى المسيح المصلوب الذي يشهد له الروح القدس في المزمور نفسه أنه تحرر من الموت بقيامته. وهكذا أظهر أنه ليس مثل آلهة الأمم لأن "آلهة الأمم أصنام شياطين".
ولتوضيح هذه النقظة سأعيد على مسامعكم المزمور كله:
"سبحوا الرب تسبيحاً جديداً، سبحي الرب يا كل الأرض، سبحوا لارب وباركوا اسمه. بشِّروا من يوم إلى يوم بخلاصه. حدِّثوا في الأمم بمجده وبين جميع الشعوب بعجائبه، لأن الرب عظيم ومُسَّبح جداً. مرهوب هو أكثر من كل الآلهة. لأن كل آلهة الأمم شياطين، أما لارب فصَنعَ السماوات. الجلال والبهاء قدامه، الطُّهر والجمال العظيم في قدسه. قدِّموا للرب، يا جميع قبائل الأمم، قدِّموا للرب مجداً وكرامةً، قدِّموا للرب مجداً لأسمه. احملوا الذبائح وأدخلوا دياره، اسجدوا للرب في دياره المقدسة. فلتتزلزل الأرض كلها من أمام وجهه. قولوا بين الأمم إن الرب قد مَلَكَ على خشبة، وأيضاً ثبَّت المسكونة فلن تتزعزع. يُدين الشعوب بالاستقامة. فلتفرح السماوات ولتبتهج الأرض وليعج البحر وملئه، تفرح الوديان وكل ما فيها، حينئذ يبتهج كل شجر الغاب أمام وجه الرب لأنه يأتي، يأتي ليدين الأرض، يدين المسكونة بالعدل والشعوب بحقه."
- الله وحده يعلم ما إذا كان معلمونا اليهود قد حذفوا أجزاء من الكتاب المقدس كما تقول ام لا، لكن هذا القول يبدو غير معقول.
نعم يبدو بالفعل غير معقول لأنه عمل يفوق في شناعته إقامة العجل الذهب الذي صنعوه وهم متخمون بامن الذي نزل على الأرض، كما يفوق في بشاعته تقديم أطفالهم ذبائح الشياطين و ذبح الأنبياء. ويبدو أنك، لم تسمع حتى عن الكتب المقدسة التي قمتم ببترها كما قلت. ولكن تكفي النصوص الكثيرة التي ذكرتها لكم بالفعل بالإضافة إلى تلك التي احتفظتم بها، لاثبات النقاط التي نختلف عليها.
- نحن نعلم أنك ذكرت لنا هذه النصوص بناء على طلبنا. أما مزمور داود الذي ذكرته للتو فيبدو أنه لا يشير سوى للآب الذي خلق السماوات والأرض. ولكنك تقول إنه يشير إلى ذاك الذي تألم والذي تريد أن تبرهن لنا أنه هو المسيح.
أرجوكم أن تفكروا ملياً في كلمات الروح القدس في هذا المزمور وستفهمون أن حديثي ليس بدافع الخبث أو الخداع. وعندما تختلون بأنفسكم ستستوعبون أقوالاً أخرى قالها الروح القدس. يقول المزمور: سبَّحوا لارب تسبيحاً جديداً، سبحوا الرب يا كل الأرض، سبحوا الرب وباركوا اسمه. بشِّروا من يوم إلى يوم بخلاصه. حّدثوا في الأمم بمجده وبين جميع الشعوب بعجائبه".
بهذه الكلمات يأمر الرب جميع سكان هذا الكون الذين يعرفون سر الخلاص - الذي تم بآلام المسيح، الذي به نالوا الخلاص - أن يرنموا ويسبِّحوا على الدوام لله الآب. وأن يعترفوا بأن السيد المسيح هو مخوف ومسبَّح وهو خالق السماوات والأرض وفادي البشرية، لأنه بعد ان مات على الصليب استحق أن يملك على العالم أجمع.
ملحوظة: عبارة "على خشبة" ليست موجودة في النص العبري، ولا في مخطوطات الترجمة السبعينية إلا في مخطوطة واحدة، وموجودة في جميع مخطوطات الترجمة القبطية البحيرية.
المرجع: القديس يوستينوس الفيلسوف والشهيد، ترجمة آمال فؤاد، إصدار باناريون (بتصرف).