المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 3 مايو 2015

سلسلة تاريخية موجزه عن قانون الإيمان

يظن البعض (والغالبية من الناس) أن قانون الإيمان هو فقط تم كتابته في مجمع نيقة وكأنه شيء مستحدث على الكنيسة، وكأنه اختراع جديد، مع أنه أساساً هو بشارة الإنجيل ويُسمى قانون التقوى، لأن الإيمان هو إيمان الاستنارة والتقوى حينما يملك الله على القلب وهذا يُترجم عملياً في حياتنا بحياة مقدسة مستقيمة حسب وصية الله، ونُعَبَر عن إيماننا بقانونه الإلهي الرسولي الكتابي الكنسي، إذ نقوله في صلواتنا مثلما نرتدي كل يوم ملابسنا، لأن قانون الإيمان هو رداءنا اليومي وتعبير قلبنا الدائم أمام الله الحي وشهادة أمام العالم كله، وهذه هي قوانين الإيمان في الكنيسة بالرغم من أنها قانون واحد وليس عدة قوانين كما سوف نلاحظها بتدقيق أثناء دراستنا وهي كالتالي:
1. القانون النيقاوي – القسطنطيني
2. قانون المجمع المسكوني الثالث
3. قانون المجمع المسكوني الرابع
4. قانون المجمع الخامس والسادس
5. قانون المجمع السابع
6. قانون الديذاخي (تعليم الإثنى عشر)
7. قانون إيريناوس أسقف ليون
8. قانون ترتليان
9. قانون كبريانوس القرطاجنى
10. قانون نوفاتيان
11. قانون أوريجانوس
12. قانون أغريغوريوس أسقف قيصرية الجديدة
13. قانون لوقيانوس المعلم الأنطاكي
أساس قانون الإيمان في الكنيسة :
* المسيحية استلمت الإيمان الحي من التقليد اليهودي والأسفار المقدسة من جهة أساس عقيدة ((الوحدانية)) أو ((التوحيد)) من جهة الله.
* كذلك استلمت التفريق الكامل عن لا نهائية اللاهوت ومحدودية المادة أو العالم، والوعي الكامل بعدم الخلط بينهما كما كان حادث في الوثنية. وهكذا أتت كل تعاليم الإنجيل مطابقة من جهة هذين الأمرين لما جاء في أسفار العهد القديم.
* بجوار هذا الإيمان الكامل بوحدانية الله، قدمت المسيحية تعاليمها الأساسية من جهة التجسد والقيامة بكل ما يتبعها من قوة استطاعت أن تغير في صميم الطبيعة البشرية، لا بالمنطق الفلسفي أو حكمة العقل، إنما بالفعل والعمل والسلوك على مستوى كل الأمم والشعوب؛ بحيث تم بالفعل استعلان شخصية المسيح المخلّص الفائقة للزمان والمكان من داخل الطبيعة البشرية وخبرة البسطاء والحكماء على حد السواء، وتذوق الجميع غنى مجده الإلهي ومُعاينه مجده على مستوى الخلاص والفداء والملء بالروح القدس وخبرة: "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ ".

وقد تجاوز الإيمان بالمسيح الكلمة المتجسد أثره في المؤمنين وانتقل لكل العالم الوثني إذ آمن الكثيرين، وذلك ليس بسبب المنطق المسيحي أو الدفاع المتقن عن الإيمان بالحجة الدامغة وإقناع العقل كما يتراءى للكثيرين الذين يقيسون أمور الله بالعقل ويُمنطقونه بالفلسفة والمناقشات والمناظرات ونظرية المعقول واللا معقول حسب التحليل الدماغي أو بحسب القواميس والفهارس والمعاجم والفكر والمنطق، بل بسبب التغيير الجوهري الذي كان يظهر على المسيحيين بمجرد قبولهم الروح القدس بالإيمان والعماد، حيث كان يحلّ المسيح بالإيمان في قلوب المؤمنين ويؤيدهم بقوة روحية فعالة على مستوى العلاقة بالآخرين والمحبة مع فرح وسرور لا يُحدّ.
وهكذا تأيد الإيمان بالخبرة العملية في الحياة اليومية وظهور قوة التقوى وخبرة حياة المسيح في كل مؤمن في سلوكه ومحبته وبذله من أجل المحبة، واتضاعه الحقيقي والغير مصطنع...

* فالمسيحية أعلنت بالخبرة والحياة: أن قامة ربنا يسوع المسيح أعلى من مجرد ملء بشري، والحياة التي تنبع منه ليست مجرد حياة بشرية؛ وبالتالي وضِحَ أن الفداء الذي صنعه بالصليب والكفارة التي أكملها بسفك دمه على عود الصليب عن كل ذي جسد، ليست مجرد نصوص إيمان ولاهوت مكتوب أو مشروح أو معاجم موضوعة أو مجرد لغة مكتوبة، إنما هي حقيقة فاعلة في عمق كيان الإنسان كغفران خطايا وتجديد وخلق جديد يستشعرها الخاطئ ويمسكها بقلبه قبل أن يمسكها بعقله ويشهد لها سلوك الإنسان بتغيير حياته، ومنها يدرك مباشرة بدون واسطة أو شرح: لاهوت المسيح وصلته بالآب كمخلّص يستطيع أن يجتذب من عمق الخطية ليُصير الخُطاة قديسين يحيون بكل أمانه الإيمان والمحبة، بل لهم القدرة أن يصيروا شهود له:
إذاً إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدا (2كورنثوس 5: 17)
لأنه في المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئا ولا الغرلة، بل الخليقة الجديدة (غلاطية 6: 15)





لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهوداً في أورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى أقصى الأرض (أعمال 1: 8)
ونحن شهود له بهذه الأمور والروح القدس أيضاً الذي أعطاه الله للذين يطيعونه (أعمال 5: 32)
أنتم شهود الله كيف بطهارة وببر وبلا لوم كنا بينكم أنتم المؤمنين (1تسالونيكي 2: 10)
* التركيز الإيماني الذي كان للكنيسة والتي من خلاله وضعت قانون الإيمان، يدور حول ((لاهوت المسيح الرب)) من كل الزوايا وبالأخص من الأسفار المقدسة، الأمر الذي باعد إلى الأبد بين المسيحية واليهودية ووضع الحدود الفاصلة بين المسيحيين والوثنيين.
وآباء الكنيسة الأولى كانت الأمانة التي يشعرون أنهم يحملونها بالنسبة للأجيال القادمة تتلخص في توصيل الإيمان الرسولي كحقيقة حية وفعالة وتسليمه كما هو وليس تحليله أو شرحه، وتوصيل الحقائق التاريخية بدقائقها والقضايا التي حكم فيها الرسل وتناقلها الآباء كما هي كإيمان مُسَلَّم تسند السلوك وتضبط حياة التقوى دون استخلاص فكري أو تحليل مدرسي لمضمونها الإيماني.

* ولنا أن نعرف اليوم سرّ إيمان آباء الكنيسة وحلاوة عمق كتاباتهم أنه يكمُن في حياتهم الشخصية، لأنهم كانوا يعيشون في حقيقة السرّ الإلهي أي الانسجام الباطني بالإحساس الروحي بين لاهوت المسيح رب الحياة ووحدانية الله، يعيشونه كل يوم في حياة شركة ملؤها الاستمتاع بقوة المسيح الله الحي في التقوى وسلوك يكفي لكي يعلن عن هذه الحقيقة دون سؤال، فكان لاهوتهم عبارة عن تسبيح وإنشاد ومديح واعتراف بعظمة كل أسرار الفداء والخلاص والغفران وبشخص المسيح الفادي مع الله الآب والروح القدس كإله واحد.
والدليل على ما أقول:
أنظروا الأبصلمودية، أنظروا القداسات والتسبحة والألحان، أفحصوا كلماتها بدقة أليست فيها عمق الإيمان بالله الواحد الثالوث القدوس، وخلاص إلهنا ربنا يسوع المسيح الحلو وفداءه، أليست فيها كل الإيمان المتسع الذي للقديسين، كقوة مُذاقه ومُعاشة قبل أي كلام يُقال، وقبل كل بحث وكتابات، أو اي صراع قائم على الألفاظ، فأخرجت تسبيح قلبي وسكوني حسب إعلان الله وإلهام الروح.

لن أكتب منها شيئاً الآن بل سأتركها لكم تستمتعوا بها وتتذوقوا مجد حلاوة كلماتها لأنها ليست مجرد كلمات بل حياة ذات سلطان وتعبيرات دقيقة نافعة جداً لحياة التقوى وجديرة أن تربطنا بالله والقديسين جميعاً، فقط علينا أن نركز في الصلوات وتسابيح الكنيسة بهدوء ووقار بروح الشركة في المحبة بتقوى.
 


بقلم الأستاذ ايمن فايق  

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;