المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الخميس، 7 مايو 2015

سر اتحاد اللاهوت بالناسوت - وكيفية شرحة السليم ..

لا نقدر أن نتكلم عن تجسد الكلمة من الناحية المجردة، كاتحاد لاهوت بناسوت كفكره أو مجرد عقيدة، ولا يتم الشرح في الإطار الفكري الفلسفي، أو لقناعة الآخرين فكرياً معتمدين على إثباتات العقلية وبراهين بحثية، لئلا نحول الشخص إلى فكر، أي نحول الله الكلمة المتجسد لفكرة، عوض أن يكون الله المتجسد في ملء الزمان كالتدبير، ولذلك ندخل في قضية فكرية فلسفية مطروحه للجدل والحوار للإثبات، بل لا يُشرح سرّ التجسد إلا من خلال تدبير الخلاص كفعل نعمة دخل للعالم بتجسد الكلمة.

وحينما نشرح هذا السرّ العظيم الذي للتقوى، لا ندخل في جدل عقلي مُغلق أو حتى منفتح، بل نلتزم بحدود الإنجيل دون وضع أفكار إنسانية فلسفية للناس من عندنا، ولا يسعنا إلا أن ننطلق من هذه الآية: [ والكلمة صار جسداً ]، وبحسب هذا الإعلان المجيد فأن ما صنعه الكلمة المتجسد، كان من أجل منفعتنا أي من أجل التدبير، لذلك فأن التجسد هو دخولنا في سرّ الكلمة ذاته لكي نحيا التجسد ويصير لنا خبرة حياة وشركة واقعية في حياتنا المُعاشه.

وينبغي أن نضع في أذهاننا هذه الحقيقية، أي خبرة الخلاص في سرّ التجسد، لأننا لو لم ندخل في إعلان سرّ التجسد ونعيش فيه، فلن تنفعنا معلوماتنا، لأنها ستكون مجرد أفكار وآراء نتصارع حولها ما بين قانع بها عقلياً وما بين ناكر لها فكرياً، ويبدأ الصراع الذي لن ينتهي، لأن الفكر يتصارع مع الفكر حسب الحجة والبرهان، أما لو حدث رؤيا وإعلان يدخل للقلب والفكر يقين حي لا يُطفأ قط، بل وندخل في خبرة الرسل أنفسهم قائلين معهم ناطقين بشهادة حية لا تتزعزع أو نتزحزح عنها قط :
  • [ الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه و لمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة. فان الحياة أُظهرت (وليست الأفكار والمعلومات) وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا. الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم أيضاً شركة معنا وأما شركتنا نحن فهي مع الآب و مع ابنه يسوع المسيح. و نكتب إليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا. ] (1يوحنا 1: 1 - 4)
ولنلاحظ أن القديس كيرلس الكبير حينما شرح الاتحاد بين اللاهوت والناسوت، شرحه بالسرّ والتزم بالإنجيل فقال: اللاهوت اتحد بالناسوت بطريقة ما بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير.

فالله الكلمة اتحد ببشريتنا اتحاد فعلي حقيقي غير قابل للافتراق، كسرّ فائق لا يُشرح، إنما أُعلن من خلال الكلمة المتجسد من خلال ولادته وأعماله الظاهرة، ونقلنا من الظلمة للنور بواسطته، وتذوقناه بالخبرة أو دخلت فينا حياته بالخبرة وعمل الروح القدس داخلنا...

أما كل من يحاول أن يفحص سرّ الاتحاد الفائق ويشرحه مشوهاً السرّ الفائق بالفلسفات البشرية والصراعات الفكرية والإثباتات العقلية فحتماً سينقاد وراء أقوال لا تمت بصلة بعمل الله الفائق، لأن الاتحاد في المسيح سرّ عميق لا يُفحص بمجريات العقل إنما بإعلان الروح القدس في القلب والدخول في سرّ الوحدة مع الله كخبرة دائمة من خلال الإفخارستيا...

يقول القديس كيرلس الكبير: [ إن كيفية الاتحاد عميقة وفائقة الوصف وفائقة لمداركنا. فمن الجهالة التامة أن نُخضع للبحث العقلي ما يفوق العقل وأن نحاول أن نُدرك بعقولنا الذي لا يُدرك بالعقل. أم لست تعلم أن ذلك السرّ العميق ينبغي أن يُعبد بإيمان بلا فحص !
أما السؤال الجاهل " كيف يُمكن أن يكون هذا ؟ فإننا نتركه لنيقوديموس وأمثاله. أما نحن فإننا نقبل بدون تردد أقوال روح الله ونثق أن المسيح القائل: "الحق الحق أقول لكم: إننا نتكلم بما نعلم ونشهد بما رأينا" ] (عن تجسد الابن الوحيد للقديس كيرلس الكبير 8)

ويقول أيضاً شارحاً الاتحاد: [ عندما نقول أن كلمة الله اتحد بطبيعتنا فأن كيفية هذا الاتحاد هي فوق فهم البشر. وهذا الاتحاد مختلف تماماً (عن كل معنى عند البشر أو فعل).. فهو اتحاد لا يوصف وغير معروف لأي من الناس سوى الله وحده الذي يعرف كل شيء. وأي غرابة في أن يفوق (اتحاد اللاهوت بالناسوت) إدراك (العقل)؟ فنحن عندما نبحث بدقة عن أمورنا ونحاول إدراك كنهها نعترف أنها تفوق مقدرة الفهم الذي فينا. فما هي كيفية اتحاد نفس الإنسان بجسده؟ من يُمكن أن يُخبرنا؟!!

ونحن بصعوبة نفهم وبقليل نتحدث عن اتحاد النفس بالجسد. لكن إذا طُلب منا أن نحدد كيفية اتحاد اللاهوت بالناسوت وهو أمر يفوق كل فهم بل صعب جداً، نقول أنه من اللائق أن نعتقد أن اتحاد اللاهوت بالناسوت في عمانوئيل هو مثل اتحاد نفس الإنسان بجسده – وهذا ليس خطأ لأن الحق الذي نتحدث عنه هنا تعجز من وصفه كلماتنا. والنفس تجعل الأشياء التي للجسد هي لها رغم أنها (النفس) بطبيعتها لا تُشارك الجسد آلامه المادية الطبيعية أو الآلام التي تسببها للجسد الأشياء التي هي خارج الجسد.

ومع هذا يلزم أن نقول إن الاتحاد في عمانوئيل هو أسمى من أن يتشبه باتحاد النفس بالجسد...
ولذلك فان اتحاد الكلمة بطبيعتنا البشرية يُمكن على وجه ما أن يُقارن باتحاد النفس بالجسد، لأنه كما أن الجسد من طبيعة مختلفة عن النفس، ولكن الإنسان واحد من أثنين (النفس والجسد)، هكذا المسيح واحد من الأقنوم الكامل لله الكلمة ومن الناسوت الكامل، والألوهة نفسها والناسوت نفسه في الواحد بعينه الأقنوم الواحد. ] (شرح تجسد الابن الوحيد للقديس كيرلس الكبير 8)

ويقول أيضاً في نفس ذات المرجع: [ الله الكلمة والطبيعة البشرية اتحدا معاً اتحاداً حقيقياً بدون تشويش ]
ويقول أيضاً: [ لا يجب أن نُقسم الرب يسوع المسيح إلى إنسان وإلى إله، بل نقول: يسوع المسيح هو هو واحد، لكن نُميز بين الطبيعتين دون أن نمزجهما ]
وباختصار شديد من نفس ذات المرجع للقديس كيرلس الكبير فقرة 27 يقول: [ التجسد تم ليس بالتبديل أو التغيير في طبيعة الكلمة، لأنه عندما صار جسداً لم يفقد خواص لاهوته. كيف يُمكن أن يحدث هذا ؟!
أنما تجسد الكلمة بأن اتخذ جسداً من امرأة واتحد به في أحشاءها، وولد هو نفسه وبعينُه الله المتجسد دون أن يفقد بالمرة ميلاده غير المنطوق به من الله الآب عندما وُلد من امرأة.
ولما تجسد سمح لجسده أن يتكون حسب القوانين الخاصة بالجسد، وأنا أقصد طريقة الميلاد والنمو. إلا أن الطبيعة البشرية لها فيه شيء خاص، فهو قد وُلد من عذراء.. وهو وحده الذي له أم لم تعرف زواج. وإذ قال يوحنا أنه صار جسداً فقد أضاف: "وسكن فينا" لكي يعلن أنه بالتجسد وسكناه فينا لم يفقد شيئاً ما من خواصه بل ظل كما هو.
وإذ قال يوحنا أنه (الكلمة)، سكن (أو حلَّ) فإننا نفهم من ذلك... سكنت الطبيعة الإلهية في البشرية دون أن يحدث امتزاج أو اختلاط أو تغيير إلى ما ليس هو من طبيعة ( الكلمة )]

وهبنا الله أن ندرك هذا السر العظيم بإعلانه في قلوبنا بالسرّ لندخل في شركة معه لكي نتغير إليه ولا نحيا بمجرد أفكار ومعلومات عن الله ونظن داخلنا أننا نعرفه مع أننا لم نراه فينا ولم نلمسه، أقبلوا مني كل حب وتقدير، النعمة معكم كل حين حسب مسرة مشيئة الله وإرادته آمين.


بقلم : ايمن فايق 

  Read more: http://www.eg-copts.com/vb/#ixzz3ZUtIUFac

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;