المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 25 يناير 2015

افتتاحية تعليمية عن الله (الثيولوجيا) القديس غريغوريوس اللاهوتي


افتتاحية تعلمية عن الله ( الثيولوجيا ) - القديس غريغوريوس اللاهوتي



افتتاحية تعليمية عن الله (الثيولوجيا)
القديس غريغوريوس اللاهوتي – أنشودة الميلاد – ترجمة د. نصحي عبد الشهيد و د.جورج عوض
سوف أبدأ بالآتى: نقوا عقولكم وآذانكم وأفكاركم أنتم الذين تبتهجون بهذه الأشياء، لأن حديثنا سيكون حديثًا مقدسًا عن الله؛ حتى حينما تغادرون المكان تكونون قد استمتعتم حقًا بسماع تلك الأمور المبهجة التي لن تنتهى ولا تخبو.
سوف يكون الحديث ملىء تمامًا وفي نفس الوقت سيكون موجزًا، حتى لا تتضايقوا بسبب غياب بعض الحقائق، كما أنه لن يكون مملاً بسبب الإطالة الزائدة.
الله كان كائنًا دائمًا وهو كائن في الحاضر وسيكون دائمًا إلى الأبد، أو بالحرى، هو كائن دائمًا. لأن "كان" و "سيكون" هى أجزاء من الزمن ومن طبيعتنا المتغيرة. أما هو فهو "كائن" أبدى، وهذا هو الاسم الذي أعطاه لنفسه عندما ظهر لموسى " أنا هو الكائن" (خر 14:3). لأنه يجمع ويحوى كل "الوجود"، وهو بلا بداية في الماضى، وبلا نهاية في المستقبل؛ مثل بحر عظيم لا حدود لوجوده، لا يُحد ولا يُحوى، وهو يتعالى كلية فوق أى مفهوم للزمان وللطبيعة، وبالكاد يمكن أن يُدرك فقط بالعقل ولكنه إدراك غامض جدًا وضعيف جدًا، ليس إدراك لجوهره، بل إدراك بما هو حوله[1]، أى إدراكه من تجميع بعض ظواهر خارجية متنوعة، لتقديم صورة للحقيقة سرعان ما تفلت منا قبل أن نتمكن من الإمساك بها، إذ تختفى قبل أن نُدركها. هذه الصورة تبرق في عقولنا فقط عندما يكون العقل نقيًا كمثل البرق الذي يبرق بسرعة ويختفى. أعتقد أن هذا الإدراك يصير هكذا، لكى ننجذب إلى ما يمكن أن ندركه، (لأن غير المدرك تمامًا، يُحبط أى محاولة للإقتراب منه). ومن جهة أخرى فإن غير المدرك يثير إعجابنا ودهشتنا، وهذه الدهشة تخلق فينا شوقًا أكثر، وهذا الشوق ينقينا ويطهرنا، والتنقية تجعلنا مثل الله. وعندما نصير مثله، فإنى أتجاسر أن أقول إنه يتحدث إلينا كأقرباء له باتحاده بنا، وذلك بقدر ما يعرف هو الذين هم معروفين عنده. إن الطبيعة الإلهية لا حد لها ويصعب إدراكها. وكل ما يمكن أن نفهمه عنها هو عدم محدوديتها، وحتى لو ظن الواحد منا أن الله بسبب كونه من طبيعة بسيطة، لذلك فهو إما غير ممكن فهمه بالمرة، أو أنه يمكن أن يُفهم فهمًا كاملاً. ودعنا نسأل أيضًا، ما هو المقصود بعبارة "من طبيعة بسيطة"؟ لأنه أمر أكيد أن هذه البساطة لا تمثل طبيعته نفسها، مثلما أن التركيب ليس هو بذاته جوهر الموجودات المركبة.
يمكن التفكير في اللانهائية من ناحيتين، أى من البداية ومن النهاية (لأن كل ما يتخطى البداية والنهاية ولا يُحصر داخلها فهو لانهائى). فعندما ينظر العقل إلى العمق العلوى، وإذ لا يكون لديه مكان يقف عليه، بل يتكئ على المظاهر الخارجية لكى يكوّن فكرة عن الله، فإنه يدعو اللانهائى الذي لا يُدنى منه باسم غير الزمنى. وعندما ينظر العقل إلى الأعماق السفلى وإلى أعماق المستقبل فإنه يدعو اللانهائى باسم غير المائت وغير الفانى. وعندما يجمع خلاصته من الإتجاهات معًا فإنه يدعو اللانهائى باسم الأبدى لأن الأبدية ليست هى الزمان ولا هى جزء من الزمان لأنها غير قابلة للقياس. فكما أن الزمان بالنسبة لنا هو ما يُقاس بشروق الشمس وغروبها هكذا تكون الأبدية بالنسبة للدائم إلى الأبد.
نكتفى الآن بهذا الحديث الفلسفى عن الله، لأن الوقت الحاضر غير مناسب، إذ أن موضوع حديثنا الآن هو عن تدبير التجسد وليس عن طبيعة الله (ثيؤلوجيا). ولكن عندما أقول الله فأنا أعنى الآب والابن والروح القدس. لأن الألوهية لا تمتد إلى ما يزيد عن الثالوث وإلاّ كان هناك حشد من الآلهة، كما أنها لا تحد بنطاق أصغر من الثالوث حتى لا نتهم بأن مفهومنا عن الألوهية فقير جدًا وهزيل، وحتى لا ينسب إلينا أننا نتهود بالحفاظ على الوحدانية، أو أننا نسقط في الوثنية بتعدد الآلهة. إذ أن نفس الشر موجود في الاثنين اليهودية أو الوثنية، حتى إن كان موجودًا في إتجاهين متعارضين. هذا إذَا هو "قدس الأقداس"[2] المخفى عن السيرافيم وهو الذي يُسبّح بنشيد الثلاثة تقديسات، والثلاثة يُنسب إليها لقب واحد هو الرب والإله، كما تحدث عن ذلك أحد سابقينا[3] بطريقة جميلة وسامية جدًا.


[1] أى من خلال أفعاله الإلهية.
[2] قدس الأقداس هنا يعنى الثالوث القدوس.
[3] على الأغلب يشير القديس غريغوريوس إلى القديس أثناسيوس الرسولى الذي انشغل بمهارة فائقة بالتعليم عن الله في كتابه ضد الآريوسيين

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;