كتاب رأي في اللاطائفية: ثبِّت أساس الكنيسة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة
16- الفصل السابع: العقيدة والسلوك
العقيدة والسلوك الروحي للإنسان
الإيمان بوجود الله يهب الخشية والتقوى
الإيمان بالتجسد يغير النظرة للجسد والمادة
الإيمان بالثالوث يعلمنا المحبة
الإيمان بعضويتنا في جسد السيد المسيح
الإيمان بضرورة الجهاد يوجه سلوكنا الروحي
سؤال أخيرالعقيدة والسلوك الروحي للإنسان:
بعد أن استعرضنا معا موقف السيد المسيح من الاهتمام بشرح العقيدة، والفكر اللاهوتي لعامة الشعب، وكذلك موقف الآباء الرسل، وكل الكتاب المقدس والكنيسة... ومررنا على الآباء وجهادهم من أجل الإيمان والفكر اللاهوتي.دعونا الآن نتساءل:+ هل الفكر العقيدي يؤثر على سلوكي، وحياتي اليومية، وتعاملاتي مع الناس؟+ أو بمعنى آخر... هل سيكون سلوكي له تميز خاص لو كان إيماني أرثوذكسيًا؟لقد هتف معلمنا يعقوب في رسالته بالروح القدس: "أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع 2: 18).لا شك أن الأمور الإيمانية لابد أن تترجم في حياتنا إلى سلوك يعلن عنها، فمثلًا:الإيمان بوجود الله يهب الخشية والتقوى:
هل من يؤمن بأن الله حاضر، وكائن في كل مكان، ويرى ويسمع، كمن لا يؤمن بهذا كله؟إن الإيمان بحضور الله في كل مكان، يدفع المؤمنين أن يسلكوا بتقوى ووقار، واحترام لهذا الحضور الإلهي الجليل.لذلك قيل إن الخطية هي إلحاد لحظي... "أَنْتَ تُؤْمِنُ أَنَّ اللهَ وَاحِدٌ. حَسَنًا تَفْعَلُ. وَالشَّيَاطِينُ يُؤْمِنُونَ وَيَقْشَعِرُّونَ!" (يع 2: 19). إن الشياطين يقشعرون رعبًا لأنهم لا يستطيعون أن يعملوا البر والخير في حضور الله.الإيمان بالتجسد يغير النظرة للجسد والمادة:
هل لنا بعد أن نؤمن بتجسد الله.. أن ننظر للجسد بنظرة دنيئة، أو نحتقر المادة؟... لماذا يرفضون تقديس الماء في المعمودية، وتقديس الزيت في الميرون ومسحة المرضى، وتقديس الخبز والخمر في الإفخارستيا، وتقديس الأيقونات والمذابح والكنائس؟!!إن تقديس المادة واحترامها في الفكر الأرثوذكسي، هو برهان إيماننا بسر التجسد... والإنسان الأرثوذكسي يحترم الماء والزرع والهواء والبيئة... الخ... لا من منطلق حضاري إنساني بل من منطلق لاهوتي.فعندما تجسد الله، وعاش حياتنا المادية بكل تفاصيلها، باركها وقدسها، لقد قدس المشي، والنوم، والجلوس، والوقوف.+ إن الماء مقدس.. لأن المسيح اعتمد في نهر الأردن، وشرب ماء مثلنا.+ والأكل مقدس.. لأن المسيح أكل.+ والحياة مقدسة لأن المسيح عاشها.+ والجسد مقدس لأن المسيح تجسد.إننا حقًا نعيش حياة مقدسة في كل تفاصيلها، بسبب أن الله شاركنا فيها، ووهبنا أن نتحد به من خلال كل تحركات حياتنا اليومية العادية، لذلك قيل:+ "فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ" (1كو 10: 31).+ "وَكُلُّ مَا عَمِلْتُمْ بِقَوْل أَوْ فِعْل، فَاعْمَلُوا الْكُلَّ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ، شَاكِرِينَ اللهَ وَالآبَ بِهِ" (كو 3: 17).وقيل أيضًا عن موت السيد المسيح:+ "الَّذِي مَاتَ لأَجْلِنَا، حَتَّى إِذَا سَهِرْنَا أَوْ نِمْنَا نَحْيَا جَمِيعًا مَعَهُ" (1تس 5: 10).+ "لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ" (رو 14: 8).
+ "وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ" (2 كو 5: 15).الإيمان بالثالوث يعلمنا المحبة:
سر الثالوث هو سر الحب...+ الآب يحب الابن (يو10: 17).+ والابن يحب الآب (يو 14: 31).+ والروح القدس يشهد للابن ويمجده (يو 15: 26)، (يو 16: 14).والحب في الثالوث حب مطلق، فالثلاثة واحد في الجوهر، ولكنهم ثلاثة متمايزون في الأقنومية. لذلك قيل:+ "اللهَ مَحَبَّةٌ" (1يو 4: 8).+ "الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ. 8وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ" (1يو 4: 7، 8).إن الثالوث يعلمنا أن نحيا كأشخاص كثيرين متمايزين، ولكننا نتحد معًا بالحب.كيف لإنسان يؤمن بسر الثالوث أن يبغض الآخرين، أو يقتــل الناس أو يتسلق على أكتافهم، أو يحقد أو يحسد أو يدبر المؤامرات ويهيج الخصومات؟إن سر الثالوث هو سر الحب... لذلك فالروحانية المسيحية هي روحانية الحب، وقوة المسيحية ليست في العنف، ولكن في الحب والتسامح والصداقة والحوار. إن هذا كله ينبع لا من ينبوع أخلاقي إنساني بل من ينبوع الثالوث.آه لو يفهم الناس معنى الثالوث... آه لو يفهم الناس طبيعة العلاقة بين الآب والابن والروح القدس... ويفهمون أيضًا أن الإنسان أيقونة الثالوث.الإيمان بعضويتنا في جسد السيد المسيح:
الإيمان بجسد السيد المسيح الواحد، وتعدد الأعضاء يعلمنا العمل الجماعي... فالليتورﭽيا في الكنيسة هي تعبير عن الجسد الواحد واللسان الواحد... "فَإِنَّهُ كَمَا فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ لَنَا أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ لَيْسَ جَمِيعُ الأَعْضَاءِ لَهَا عَمَلٌ وَاحِدٌ، 5هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ" (رو 12: 4، 5).+ فنحن نصلى معًا بلسان واحد لأننا جسد واحد.+ ونصوم معًا ونعيد معًا.+ ونصلى بعضنا لأجل بعض.+ والراقدون يصلون من أجلنا فيما يسمى: شفاعة القديسين.+ ونحن نصلى من أجلهم فيما يسمى: الصلاة على الراقدين أو التراحيم.كل هذا برهان العضوية في الجسد الواحد، وحيوية هذه الأعضاء... "مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، وَلأَجْلِي" (أف 6: 18، 19).نحن أعضاء في جسد واحد... لذلك فمن يخطئ فهو فيما يخطئ إلى الله يسئ أيضًا إلى الجسد الواحد... فبقدر ما هو مطالب أن يعود إلى الله بالتوبة عليه أن يعود للجسد (الكنيسة ممثلة في الأب الكاهن) بالاعتراف.مفهوم الجسد الواحد والعضوية فيه يشرح لنا كل ما في الكنيسة من نظام وممارسة وحياة.من يؤمن بالجسد الواحد يحب الآخرين كأعضائه، ويحترمهم ويقدمهم في الكرامة كأعضائه، ويشعر أنه لا يستطيع أن يستغنى عنهم، أو عن صلواتهم سواء كانوا بالجسد أم خارج الجسد.. ويفرح بنصرتهم وتقدمهم ونجاحهم كمن يفرح بصحة جسده وجمال منظره.+ "بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا" (1كو 12: 25-27).+ "هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ، كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ" (رو 12: 5).المسيحي يؤمن بالعمل الجماعي، وإفساح المجال للآخرين بحب وانفتاح وفرح، أيضًا ليس هذا من منطلق اجتماعي إنساني بل من اساس لاهوتي... الآخر لم يعد آخرًا بالنسبة لي... بل هو عضو في وانا فيه في المسيح.الآخر لا يمثل تحديًا أو تفوقًا يهدد تفوقي، ولكنه لي كجسدي أفرح بنموه، والكل لحساب مجد المسيح.الإيمان بضرورة الجهاد يوجه سلوكنا الروحي:
هل مَنْ يؤمن أنه ضمن الملكوت دون تحسبات، سيسلك بنفس الحرص والخوف، الذي يسـلك به من يؤمن أن خلاصه لابد أن يكمله إلى المنتهى؟!! "تَمِّمُوا خَلاَصَكُمْ بِخَوْفٍ وَرِعْدَةٍ" (في 2: 12).أن الثقة في دخول الملكوت ستمنح الإنسان هدوءً وفرحًا ونفسية مستقرة... بل لا أبالغ لو قلت وأيضًا كبرياءً وإحساسًا بالتميز والتفوق على الآخرين... بينما يعلمنا الإنجيل ألا نفتكر هكذا...+ "إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ" (1كو 10: 12).+ "لاَ تَسْتَكْبِرْ بَلْ خَفْ!" (رو 11: 20).+ "لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ" (رو 12: 16).+ "هكَذَا ارْكُضُوا لِكَيْ تَنَالُوا. وَكُلُّ مَنْ يُجَاهِدُ يَضْبُطُ نَفْسَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ" (1كو 9: 24، 25).+ "وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ" (يه 23).فالثقة في ضمان الملكوت، أو كما يقولون: النعمة تخلصنا، حتى ولو كنا في عمق الخطية، حتى بدون توبة... اســمعوا السيد المسيح يقول: "إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ" (لو 13: 5). هل هذه الثقة ستنهض قلوبهم، وتحثهم على التوبة، وترك الخطية، والجهاد ضدها... مؤازرين بنعمة المسيح؟إن سلوك الإنسان الواثق والضامن للملكوت، حتمًا سيختلف عن إنسان له رجاء في الملكوت، وثقة في المسيح، ولكنه حريص لئلا يأخذ أحد إكليله (رؤ 3: 11)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ولئلا يمحى اسمه من سفر الحياة (رؤ 22: 19)، (رؤ 3: 5)، ولئلا يسقط (1كو 10: 12)، ولئلا يكمل بالجسد بعد أن بدأ بالروح (غل 3: 3)، ولئلا تتزحزح منارته من مكانها (رؤ2:5).وسيجتهد أن يكون أمينًا إلى الموت حتى يأخذ إكليل الحياة (رؤ2: 10)، بالتأكيد ستكون سلوكيات الإنسان الأرثوذكسي يشوبها الاتضاع، والحرص، والتوبة المتكررة، وطلب الرحمة في كل يوم، والرفق بالخطأة، لا كمن ينظر إليهم من برج عالي بل "كإنسان تحت الآلام مثلنا" (يع 5: 17)، شاعرًا أنه في احتياج دائم لصلوات أخوته عنه، وصلوات القديسين، وسند الأب الكاهن وشركة الكنيسة، والالتزام بالنظام الكنسي، وسيكون دائمًا يشعر بالاحتياج للنمو والتلمذة والتعلم.أما الواثق المطمئن فسيستغنى عن أخوته، ويشعر أنهم يحتاجونه لكي يخلصهم، أما هو فلا يحتاج أحدًا لأنه قد خلص، ولا يحتاج لكنيسة أو أب كاهن أو شهيد أو قديس أو القديسة العذراء نفسها... وغير محتاج للالتزام بنظام من جهة الصلاة أو الصوم أو الليتورجيا. فهو قد ملك مفاتيح الملكوت، وضمن الخلاص، ولا حاجة له إلى شيء (رؤ 3: 17).. سيكون دوره في الكنيسة أن يعلم، ويرشد، ويقود، ويعطى رأيًا، ويفسر الإنجيل، ويدعو الناس البؤساء الخطاة إلى التوبة... ليتمتعوابالسيد المسيح مثله.ألست تتفق معي أن الخلفية العقيدية ستغير كل سلوك وكل القناعات وكل علاقاتي مع الآخرين، إن الأمثلة كثيرة والحديث سيطول... ولكن دعنا نتساءل:+ هل من يؤمن بالتجسد، سيسلك كمن يؤمن بتنزيه الله؟+ هل من يؤمن بالثالوث، سيسلك كمن لا يؤمن بالثالوث؟+ هل من يؤمن بوجود الله، سيسلك كالملحد والكافر؟+ هل من يؤمن بطبيعة واحدة في المسيح، سيسلك كمن يفصل بين ما هو إلهي، وما هو إنساني في حياته الخاصة؟+ هل من يؤمن بضرورة الأعمال والجهاد، كمن يعتقد أن الإيمان فقط بدم المسيح سيخلصه؟+ هل من يؤمن بالكنيسة كجسد المسيح، سيسلك كمن يؤمن أنه لا يحتاج للكنيسة بل له علاقة خاصة جدًا بالمسيح منعزلًا عن الجماعة المقدسة؟+ هل من يؤمن بالتسليم الرسولي، الكائن في فكر الكنيسة، سيكون كالعقلاني الذي ليس له مرجع إلا عقله، وقناعاته، وإلى حيث يقوده ذكاؤه؟إن التهاون بالعقيدة.. سيؤدى حتمًا إلى انحرافات مريعة في السلوك... نراها الآن بمنتهى الوضوح في تلك المجتمعات الغربية، التي بدأت بانحراف العقيدة، وانتهت إلى ضياع السلوك، فهل ما عملوه بالغرب يريدون أن يكرروه مع شبابنا المتدين المحب لله؟ أم ماذا يريدون بالكنيسة؟ وإلى أين هم سائرون؟إنها صرخة أن نصحو وننتبه، لئلا ما أصاب الغرب يصيبنا، خصوصًا ونحن في عالم (العولمة)، واختلاط الثقافات، ومع وجود تحدى البث الأعمى الرهيب، الذي سيكتسح بيوتنا شئنا أم أبينا.دعونا نربى شبابنا في مخافة الله والإيمان السليم.. كما أنني أود أن أنبه هنا أن لا نكتفي من الأرثوذكسية بمجرد الإيمان بعقيدتها دون الدخول في ممارستها، فما المنفعة يا إخوتي لإنسان يؤمن بحقيقة التحول في الإفخارستيا ولكنه لا يتناول، وما المنفعة لإنسان يؤمن بضرورة الاعتراف على يد الأب الكاهن وهو لا يمارس الاعتراف... وكذلك القول عن شفاعة القديسين والصيامات والصلاة بالأﭼبية... الخ.ليست الأرثوذكسية منطوق نظريات... بل هي حياة نعيشها بكل الفرح في حضن الكنيسة... متمتعين بشركة الرب يسوع المسيح.سؤال أخير...
هل هذه السلوكيات ستؤثر في خلاصنا الأبدي؟ أو بمعنى آخر أليس من الجائز ان سلوك الناس يتباين في نظرنا، ولكن الله يقبله وهؤلاء الذين يختلفون معنا فيالإيمان والعقيدة قد يكون له مكان في السماء؟حقًا...+ إننا لا نخلص بالمعرفة كما يدعى الغنوسيون، ولكننا سنهلك بالجهل كما أعلن الإنجيل... فلابد من المعرفة والمعرفة الصحيحة، لأنه لا يمكن أن يتساوى من يتناول من جسد الرب بإيمان وثقة وخشوع، مع من لا يؤمن من الأصل بأن القربانة هي جسد الرب.+ وكيف يخلص من كان يرفض المعمودية كأساس للخلاص والرب قد حددها سبيلًا للملكوت؟+ وكيف يخلص من يحتقر الكهنوت، ويرفض سلطانه وخدماته ومواهبه في الكنيسة، ويرى أن الكل متساوون بدون مواهب خاصة للخدمة؟+ وكيف يخلص من لا يعرف أن الأعمال لازمة للخلاص؟+ إن كل إيماننا المسيحي هو إيمان خلاصي، والتمسك به يؤول إلى الخلاص، وكذلك التهاون فيه يؤدى إلى الضياع والهلاك الأبدي.وهكذا...فالعقيدة والفكر محرك أساسي للسلوك والإيمان وبالتالي لابد أن يوجد لها دور هام جدًا في خلاص الناس... وبدون هذا الفكر العقيدي والمعرفة السليمة للإيمان لا يمكن للإنسان أن يخلص، أما البسطاء من المؤمنين فلا خوف عليهم إذ أنهم ببساطتهم يتمسكون بتعاليم السيد المسيح والكنيسة بدون سفسطة... وبذلك يخلصون ببساطة الإيمان والتسليم.دعنا نؤمن بدون شك..ونعرف بدون تعقيد...ونسلك بدون تردد...ونتشبث بإلهنا المحب المعلم الصالح...لنرث به ومعه وفيه ملكوت السماوات.