كتاب رأي في اللاطائفية: ثبِّت أساس الكنيسة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة
19- خاتمة
ليست العقيدة هي صراع فكرى عقيم حول ألفاظ واصطياد أخطاء، ومحاولات ذهنية للتفوق الفكري مستندين إلى آيات، في حرب كلامية بين أطراف متنازعة، ليس المسيح هكذا.العقيدة هي الحياة بحسب المسيح في بساطة الإيمان.."إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى، فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ، الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالافْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ، وَمُنَازَعَاتُ أُنَاسٍ فَاسِدِي الذِّهْنِ وَعَادِمِي الْحَقِّ، يَظُنُّونَ أَنَّ التَّقْوَى تِجَارَةٌ. تَجَنَّبْ مِثْلَ هؤُلاَءِ" (1 تي 6: 3 – 5)."لأَنَّ الْحَرْفَ يَقْتُلُ وَلكِنَّ الرُّوحَ يُحْيِي" (2 كو 3: 6).ونحن في العهد الجديد، خدام الروح وليس الحرف، وهذا ما علم به ربنا يسوع نفسه: "اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ" (يو 6: 63).
دع العلماء يتطحنون، حول معنى كلمة "ذكرى" في موضوع الإفخارستيا، بينما يتسلل البسطاء إلى الملكوت، لأنهم أكلوا وشبعوا من جسد الرب ودمه. دع العلماء يتشاجرون حول ضرورة المعمودية، بينما يتسلل البسطاء إلى الملكوت، لأنهم ببساطة قبلوا المعمودية، مثل الخصي الحبشي الذي طلبها باستعجال. دع العلماء يتخبطون في معنى وجود وأهمية شفاعة القديسين، بينما يتسلل البسطاء إلى الملكوت، ليتكئوا في حضن إبراهيم وإسحق ويعقوب، ويتقابلوا بكل ترحاب مع القديسين، الذين تصادقوا معهم، وهم مازالوا على الأرض، بينما كان القديسون في السماء. دع العلماء والفهماء يتساءلون عن جدوى الصوم، أو لماذا الصوم بالزيت والنبات؟ ولماذا يكون جماعيًا؟ بينما يتسلل البسطاء إلى الملكوت، لأنهم غلبواإبليس بالصوم والصلاة، حسب تعليم السيد المسيح.إن العقيدة الأرثوذكسية ليست مجال بحث علمي...ولكنها حياة خلاصية...وبدونها لا يوجد خلاص.
لماذا يعطى الشيطان فرصة ليشكك الناس، ويعزلهم عن العقيدة الخلاصية؟ إن أقصى ما يسر الشيطان هو أن يتوه الناس في خلافات لفظية، ويبعدون عن طريق خلاصهم المرسوم لهم في الإنجيل بعقيدة واضحة ثابتة.أما من جهة الادعاء بأن الكنيسة القبطية لا هم لها إلا الكلام فيالعقيدة... فهذا بالحقيقة كلام عارٍ من الصدق، ومحاولة تشويه، ووسيلة رخيصة لزرع الشك في قلوب أبناء الكنيسة تجاه أمهم الكنيسة وآبائهم الكهنة.فالكنيسة مشغولة جدًا بالعمل الرعوي الممتد من أقصى المسكونة إلى أقاصيها..
فهناك كنائس تُبْنَى، وكنائس تُشْتَرى من طوائف أخرى بدأت تغلق كنائسها. وهناك سيامات للكهنة بالمئات، والأساقفة بالعشرات، وللشمامسة بالألوف. وهناك مناطق يخدمها كهنة بدون كنائس، ويستخدمون مذابح متنقلة. والكنيسة لا تغفل العمل الروحي النسكي، ولا تستطيع أن تفصلالعقيدة عن الروح... وها الأديرة العامرة بالرهبان، تشهد لنمو التيار الروحي النسكي، وبناء أديرة جديدة وتعمير أديرة مندثرة هو أعظم برهان. بل والروحانية العميقة عند الشعب، هي أعظم دليل على غنى الكنيسة وثرائها، واجتماعات درس الكتاب المقدس بكنائسنا، والنشاط الشبابي الواضح في المؤتمرات، والمهرجانات الدراسية، وحفظ ألحان الكنيسة، وامتلاء الكنيسة بالعابدين في القداسات والمناسبات والأصوام والأعياد.ولا يستطيع أحد أن يتهم كل هؤلاء المشاركين بالسطحية والمظهرية وعدم العمق، ويتهم الكنيسة بالخواء، فإننا نرى ونعرف قديسين يملؤون الكنيسة بالقداسة والحب والصلاة الحقيقية.ومَنْ ذا الذي له سلطان أن يحكم إلا الله وحده؟ "إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ" (1 كو 4: 5).وإن وجَدت ضعفات فينا، أو في خدمتنا، نطلب من الله أن يغفر لنا، ويستر على ضعفنا، ويكمل نقصنا، ولكن ليست هذه فرصة لأعداء الكنيسة أن يشهروا بها... بل على كل إنسان مخلص للمسيح، أن يحني كتفه تحت النير ويحمل معه، وليعلم الجميع أن الكنيسة معصومة من الخطأ، بالروح القدس الذي فيها، ولكن الأشخاص غير معصومين، فقد نخطئ في الرعاية أو السلوك – وهذا وارد بحسب تعليم الإنجيل...
"إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا" (1 يو 1: 8). "إِنْ قُلْنَا: إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِبًا، وَكَلِمَتُهُ لَيْسَتْ فِينَا" (1 يو 1: 10). "لأَنَّنَا فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ نَعْثُرُ جَمِيعُنَا" (يع 3: 2).ولكن هذا الخطأ أو التقصير الملوم ليس نهاية العالم، وليس معناه أن الكنيسة منحرفة، وتصير فرصة للانقضاض على الكنيسة، ونهب أولادها، والتشهير بالعقيدة الأرثوذكسية... وتعطى الفرصة للذئاب الخاطفة، أن تبدد الرعية وتلتهمها، بحجة أن المسيح ليس في الكنيسة، وأن الكنيسة قد ضلت عن طريق المسيح الحقيقي.حاشا.. إن المسيح هو رأس الكنيسة،ولم ولن يفارقها كوعده الصادق.والكنيسة أمينة للمسيح،والآباء والخدام خاضعون لتدبيره ومشيئته.ومهما أصابنا الضعف، بسبب بشريتنا الضعيفة، لكننا نثق في المسيح، الذي ينهض عزيمتنا، ويجدد شباب الكنيسة وحيويتها.
"اِسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي عِزَّكِ يَا صِهْيَوْنُ! الْبَسِي ثِيَابَ جَمَالِكِ يَا أُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، لأَنَّهُ لاَ يَعُودُ يَدْخُلُكِ فِي مَا بَعْدُ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ. اِنْتَفِضِي مِنَ التُّرَابِ. قُومِي اجْلِسِي يَا أُورُشَلِيمُ. انْحَلِّي مِنْ رُبُطِ عُنُقِكِ أَيَّتُهَا الْمَسْبِيَّةُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ. فَإِنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مَجَّانًا بُعْتُمْ، وَبِلاَ فِضَّةٍ تُفَكُّونَ»" (إش 52: 1 – 3). "فَالآنَ مَاذَا لِي هُنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، حَتَّى أُخِذَ شَعْبِي مَجَّانًا؟" (إش 52: 5). "اِسْمَعُوا لِي يَا عَارِفِي الْبِرِّ، الشَّعْبَ الَّذِي شَرِيعَتِي فِي قَلْبِهِ: لاَ تَخَافُوا مِنْ تَعْيِيرِ النَّاسِ، وَمِنْ شَتَائِمِهِمْ لاَ تَرْتَاعُوا" (إش 51: 7). "ِاسْتَيْقِظِي، اسْتَيْقِظِي! الْبَسِي قُوَّةً يَا ذِرَاعَ الرَّبِّ! اسْتَيْقِظِي كَمَا فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ، كَمَا فِي الأَدْوَارِ الْقَدِيمَةِ. أَلَسْتِ أَنْتِ الْقَاطِعَةَ رَهَبَ، الطَّاعِنَةَ التِّنِّينَ؟ أَلَسْتِ أَنْتِ هِيَ الْمُنَشِّفَةَ الْبَحْرَ، مِيَاهَ الْغَمْرِ الْعَظِيمِ، الْجَاعِلَةَ أَعْمَاقَ الْبَحْرِ طَرِيقًا لِعُبُورِ الْمَفْدِيِّينَ؟ وَمَفْدِيُّو الرَّبِّ يَرْجِعُونَ وَيَأْتُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ بِالتَّرَنُّمِ، وَعَلَى رُؤُوسِهِمْ فَرَحٌ أَبَدِيٌّ. ابْتِهَاجٌ وَفَرَحٌ يُدْرِكَانِهِمْ. يَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالتَّنَهُّدُ. «أَنَا أَنَا هُوَ مُعَزِّيكُمْ. مَنْ أَنْتِ حَتَّى تَخَافِي مِنْ إِنْسَانٍ يَمُوتُ، وَمِنِ ابْنِ الإِنْسَانِ الَّذِي يُجْعَلُ كَالْعُشْبِ؟ وَتَنْسَى الرَّبَّ صَانِعَكَ، بَاسِطَ السَّمَاوَاتِ وَمُؤَسِّسَ الأَرْضِ، وَتَفْزَعُ دَائِمًا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ غَضَبِ الْمُضَايِقِ عِنْدَمَا هَيَّأَ لِلإِهْلاَكِ. وَأَيْنَ غَضَبُ الْمُضَايِقِ؟ سَرِيعًا يُطْلَقُ الْمُنْحَنِي، وَلاَ يَمُوتُ فِي الْجُبِّ وَلاَ يُعْدَمُ خُبْزُهُ" (إش 51: 9 – 14). "كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ، وَكُلُّ لِسَانٍ يَقُومُ عَلَيْكِ فِي الْقَضَاءِ تَحْكُمِينَ عَلَيْهِ. هذَا هُوَ مِيرَاثُ عَبِيدِ الرَّبِّ وَبِرُّهُمْ مِنْ عِنْدِي، يَقُولُ الرَّبُّ" (إش 54: 17).إننا نثق في هذا الوعد الإلهي العظيم، ونأمل في خلاصنا الكامل في الأبدية السعيدة، حيث سنرى الكنيسة كمثلما رآها "يوحنا اللاهوتي":"وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْبًا، وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلهًا لَهُمْ. وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا!». وَقَالَ لِيَ: «اكْتُبْ: فَإِنَّ هذِهِ الأَقْوَالَ صَادِقَةٌ وَأَمِينَةٌ»" (رؤ 21: 2 – 5).ماذا إذًا؟
أخيرًا -قارئي العزيز- ما هو المطلوب منا كشباب أرثوذكسي، غيور على كنيسته، ومحب للمسيح، ويشتهى خلاص كل نفس على وجه الأرض؟إن المطلوب منا هو:1- الإيمان بأهمية العقيدة.. كمثل فكر السيد المسيح، ورسله الأطهار، وكما أعلن الكتاب المقدس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى... باعتبار العقيدة هي طريق الخلاص، وهي موجه السلوك الروحي والسلوك اليومي، بل وهي سبب الحكمة والفهم "بِالإِيمَانِ نَفْهَمُ" (عب 11: 3).2- معايشة هذا الفكر العقيدي... عمليًا وتطبيقيًا في حياتنا... حتى لا تظل العقيدة مجرد منطوق نظريات فلسفية يختلف حولها الناس، ويتشاجرون بسببها... بل تكون هي المحرك الحقيقي لسلوكنا اليومي..."لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ" (2 بط 1: 16)، "أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي" (يع 2: 18).3 - نقل هذه الخبرة الإيمانية الحياتية إلى أبنائنا ومخدومينا... "الَّذِي رَأَيْنَاهُ وَسَمِعْنَاهُ نُخْبِرُكُمْ بِهِ، لِكَيْ يَكُونَ لَكُمْ أَيْضًا شَرِكَةٌ مَعَنَا. وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (1 يو 1: 3)، فتكون هذه الخبرة هي أيضًا محرك سلوكياتهم، ويدرك الجميع أهمية الإيمان والعقيدة لحياتهم فيكتشفون تزييفالادعاء الباطل باللاطائفية واللاعقيدة.4 - شرح البعد الروحي والخلاصي في كل عقيدة أرثوذكسية... وأن يتربى عند الخدام الأرثوذكس الاختبار الروحي الليتورﭽي... بحيث لا يكون الخادم منعزلًا عن الكنيسة، واتجاهاتها وإيمانها.5 - التنبيه للانحرافات الإيمانية المنتشرة، وتفنيد الفكر الغريب... لئلا يسقط في براثنها أحد البسطاء، دون إدراك خطورتها أو انحرافاتها.لابد أن تكشف الثغرات الإيمانية لكل الشعب"لأَنَّهُ بَاطِلًا تُنْصَبُ الشَّبَكَةُ فِي عَيْنَيْ كُلِّ ذِي جَنَاحٍ" (أم 1: 17).فلا يجب الاكتفاء بالبناء الإيجابي فقط، بل يجب أيضًا تفنيد الآراء الهرطوقية.6- نشر الفكر العقيدي الأرثوذكسي... بممارسة الليتورجيا بحماس، وروحانية، وجمال روحي يخلب الوجدان، وكذلك بتأليف ترانيم على المستوى الشعبي، وبحفظ آيات، وبتكثيف التعليم الكنسي العقيدي.7 - ترسيخ فكرة أن الكتاب المقدس هو المرجع الأساسي الأول لكل عقيدة أرثوذكسية، وكذلك فكرة أن الليتورجيا في الكنيسة هي مصدر معتمد وموثق للفكر العقيدي.8 - عدم الانخداع بالادعاء الكاذب أننا متعصبون لأننا نتكلم في العقيدة... فليس تقييم الناس لنا هو محرك خدمتنا، بل ما يرضى الله... "لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا. فَإِنَّنَا لَمْ نَكُنْ قَطُّ فِي كَلاَمِ تَمَلُّق كَمَا تَعْلَمُونَ، وَلاَ فِي عِلَّةِ طَمَعٍ. اَللهُ شَاهِدٌ" (1 تس 2: 3 – 5).فلا يليق يا إخوتي... أننا نتوقف أمام كل رأى باطل يوجهه لنا الناس، ونتعطل عن طريقنا المستقيم، خوفًا من آرائهم الباطلة... بل يجب أن نكون أقوياء، ونفرح بهذه الأقاويل الكاذبة، ونقبلها بكل صبر..."طُوبَى لَكُمْ إِذَا عَيَّرُوكُمْ وَطَرَدُوكُمْ وَقَالُوا عَلَيْكُمْ كُلَّ كَلِمَةٍ شِرِّيرَةٍ، مِنْ أَجْلِي، كَاذِبِينَ. اِفْرَحُوا وَتَهَلَّلُوا، لأَنَّ أَجْرَكُمْ عَظِيمٌ فِي السَّمَاوَاتِ، فَإِنَّهُمْ هكَذَا طَرَدُوا الأَنْبِيَاءَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ" (مت 5: 11، 12).9 - في كل هذا يجب أن نتبع المبدأ الكتابي... "وَنَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ: أَنْذِرُوا الَّذِينَ بِلاَ تَرْتِيبٍ. شَجِّعُوا صِغَارَ النُّفُوسِ. أَسْنِدُوا الضُّعَفَاءَ. تَأَنَّوْا عَلَى الْجَمِيعِ" (1 تس 5: 14).ففيما نتمسك بإيماننا بكل قوة... يجب أن نتعامل مع الناس بكل محبة، فنحن لا نختلف مع الناس بل مع الفكر المنحرف. فالكتاب المقدس نفسه يأمرنا.. كونوا "مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ، بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ" (1 بط 3: 15).أخيرًا..أسلم كتابي هذا بين يدي الله الحنون، مصليًا أن يجعله سبب بركة للقارئ المحبوب، وسبب ازدياد تمسك الخدام والشباب والشعب الأرثوذكسي بكنيسته المقدسة، وعقيدتها النقية... بشفاعة أمنا الحنون العذراء الطاهرة القديسة مريم، ومار مرقس الكاروز الطاهر والشهيد... وبصلوات أبى – الذي يشجعني بأبوته الغاليةقداسة البابا شنوده الثالث وشريكه في الخدمة الرسولية أبى المحبوب نيافة الأنبا موسى... الرب يحفظ لنا حياتهما آمين.