المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

ما هو الحق؟ كتاب رأي في اللاطائفية

كتاب رأي في اللاطائفية: ثبِّت أساس الكنيسة - الأنبا رافائيل الأسقف العام لكنائس وسط القاهرة


18- الفصل التاسع: ما هو الحق؟



أين الحق؟
التسليم الرسولي
ما هو التسليم؟
ما الذي يضمن عدم تزييف التسليم الرسولي؟
التقليد يحكم
St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت
قد يوافقني القارئ العزيز في كل ما جاء بهذا الكتاب، ولكنه يتساءل: من هي الكنيسة التي حافظت على العقيدة سليمة من أي تشويش أو تغيير أو إضافات؟ خاصة وأن كل كنيسة تدعىِ أنها تملك الحق، وأن الآخرين قد انحرفوا.
والاتهام موجه بالأكثر إلى الكنيسة الأرثوذكسية نفسها، أنها أثقلت كاهل الناس بإضافات، وطقوس، وممارسات، وتعاليم أفقدت المسيحية بساطتها الأولى، التي كانت أيام الرسل.
+ ويعتبر البعض أنهم قاموا بحركة إصلاحية، استطاعوا بها أن يعودوا بالكنيسة إلى منابعها الأولى، في بساطة عصر الرسل، بعد أن أزالوا عن الكنيسة التضخم الحادث في فكرها بسبب التراث الآبائي، والتقليدات التي تمسك بها الأرثوذكس والكنائس التقليدية، فانحرفوا عن الحق الكتابي (حسب رأى البروتستانت).
+ وآخرون.. لكي يتخلصوا من هذا التساؤل... هربوا إلى خندق اللاطائفية. فبدلًا من بذل الجهد لمعرفه ما هو الرأي الصحيح، وما هو الرأي الخاطئ، عَلَمُوا بأنه يكفى أن نعيش معًا بالحب، وننبذ الخلافات العقيدية، ولا ننشغل بها، ولا نفكر فيها، ونجتمع في مكان واحد لنرنم ونصلى معًا، وندرس الإنجيل، دون الالتفات إلى الطائفة التي ننتمي إليها، ودون الانشغال بأي عقيدة أو أي أمر لاهوتي.
St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أين الحق؟

إن كلا الرأيين براق في ظاهره، ولكنه غير حقيقي في جوهره:
+ فالذين رفضوا التراث الآبائي، وبدأوا من جديد، كونوا لأنفسهم تراثًا جديدًا خاصًا بهم، ولكنه لا ينتمي في جذره للآباء الأولين فما رفضوه، وما أنكروه علىالكنيسة الأرثوذكسية قاموا به بعينه ولكن مبتدئين من أنفسهم.
اليوم يوجد تراث بروتستانتي يرجع إلى القرن الـ16 منذ مارتن لوثر وكالفن وغيرهما... وصارت لهم تفاسير لمشاهير الوعاظ خاصة بهم، كمثلما نرجع نحن إلى تفاسير الآباء الأولين، ولهم نمط مميز في الحياة والخدمة والاجتماعات يميزهم، كمثلما لنا طقس ونظام وصلاة يميزنا كأرثوذكس... حتى أنك بسهولة تكتشف أن هذا الواعظ أو هذا الاجتماع بروتستانتي أو أرثوذكسي... لأنهم أيضًا لهم تراث، ورصيد فكرى، ومنهج تفسير خاص بهم، كما يوجد عندنا تمامًا.
فلماذا يرفض المنهج الأرثوذكسي؟ ولماذا ينكر على الأرثوذكس حقهم في أن يكون لهم هوية خاصة، ومنهج خاص، وتفسير خاص؟ علمًا بأن هذا المنهج والهوية والتفسير يستمدون أصولهم من الآباء الرسل، وآباء الكنيسة بطول التاريخ.
+ والذين يرفضون التمسك بالعقيدة، وينادون باللاطائفية قد اخترعوا لأنفسهم عقيدة خاصة هي اللاطائفية.. وفي الحقيقة الأمر عندما يجتمعون يسلكون بالطقس البروتستانتي، من حيث الترنيم والوعظ والصلاة... فكيف يكونون لا طائفيين؟ إنها طائفة أخرى بروتستانتية.. فلماذا تغطية الحقائق؟
وهي عقيدة أخرى فلماذا يتخلون عن العقيدة الأصلية، ويخترعون لأنفسهم منهجًا جديدًا تحت عناوين براقة وخادعة؟
إن الإنسان المخلص للمسيح وللكنيسة لا يمكن أن ينساق وراء هذه الشعارات الزائفة كقول معلمنا بولس الرسول: "وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ، خِلاَفًا لِلتَّعْلِيمِ الَّذِي تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ. لأَنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ" (رو 16: 17، 18).
يتبقى الآن سؤال هو:
ما الذي يميز الأرثوذكسية حتى نطمئن أنها تملك الحق الإلهي والكتابي السليم؟
إن الأرثوذكسية تتميز في فكرها عن جميع الطوائف بأنها كنيسة التسليم الرسولي، فهي كنيسة تقليدية – كهنوتية – طقسية – آبائية – كتابية، وهي مجمع قديسين في السماء وعلى الأرض.
St-Takla.org Image: Shield of Faith (Ephesians 6:16), Arabic and English words صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمات ترس الإيمان (أفسس 6: 16)، باللغتين العربية والإنجليزية
St-Takla.org Image: Shield of Faith (Ephesians 6:16), Arabic and English words
صورة في موقع الأنبا تكلا: كلمات ترس الإيمان (أفسس 6: 16)، باللغتين العربية والإنجليزية
أما الآخرون فإنهم يرفضون التسليم والتقليد لأنهم لا يعرفون معناه وقيمته، ويتهمون كنيستنا بأنها معيبة لكونها تقليدية، بينما نحن نفتخر بأننا كنيسة تقليدية.
دعنا الآن نعرف: ما معنى التسليم الرسولي؟ وكيف حافظت عليه كنيستنا؟ وكيف صار مميزًا لها مما يجعلها تملك الحق الكتابي والإلهي؟
St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التسليم الرسولي

ما هو التسليم؟

التسليم هو الطريقة التي فهم به الآباء معنى الإنجيل، وتفاصيل العقيدة، وقد سلموها لنا كما استلموها من آبائهم ومن السيد المسيح نفسه خاصة في فترة الأربعين المقدسة بعد قيامته من الأموات إذ قيل: "وَهُوَ يَظْهَرُ لَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَيَتَكَلَّمُ عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ" (أع 1: 3)، وبدون هذا الفهم الأصيل، ينحرف الناس إلى مفاهيم خاصة من بنات عقولهم، تقودهم إلى البدع والهرطقات... لذلك يجب الالتزام بهذا التسليم الرسولي...
  • إنه تسليم "لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ" (غل 1: 11)... وليس من اختراع البشر، أو استحسان المفكرين واللاهوتيين.
  • "فَإِنَّنِي سَلَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي الأَوَّلِ مَا قَبِلْتُهُ أَنَا أَيْضًا" (1 كو 15: 3)،"لأَنَّنِي تَسَلَّمْتُ مِنَ الرَّبِّ مَا سَلَّمْتُكُمْ أَيْضًا" (1 كو 11: 23).
وقد أمرنا الإنجيل أن نحفظ هذه التقليدات، ونسلمها بأمانة للأجيال التالية...
  • "أَمْدَحُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ عَلَى أَنَّكُمْ تَذْكُرُونَنِي فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَتَحْفَظُونَ التَّعَالِيمَ كَمَا سَلَّمْتُهَا إِلَيْكُمْ"(1 كو 11: 2).
  • "فَاثْبُتُوا إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ وَتَمَسَّكُوا بِالتَّعَالِيمِ (التقليدات) الَّتِي تَعَلَّمْتُمُوهَا، سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا" (2 تس 2: 15).
الأسفار نفسها تشهد إذًا بأنها يجب أن تفهم من خلال التسليم الرسولي...
  • "ثُمَّ نُوصِيكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، بِاسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ بِلاَ تَرْتِيبٍ، وَلَيْسَ حَسَبَ التَّعْلِيمِ (التقليد) الَّذِي أَخَذَهُ مِنَّا" (2 تس 3: 6).
وقد قيل عن الأسفار المقدسة أن "فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ" (2 بط 3: 16). لذلك فهي تحتاج شرحًا سليمًا، وهذا الشرح السليم موجود في التسليم والتعليم الرسولي... وهذا التعليم الرسولي كان:
  • جزءًا منه مكتوبًا في الرسائل.
  • وجزئًا آخر شفاهيًا "لأَنِّي أَرْجُو أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ وَأَتَكَلَّمَ فَمًا لِفَمٍ، لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُنَا كَامِلًا" (2 يو 12)، (راجع أيضًا: 3 يو 14، 13).
  • وجزء منه كان ترتيبات عملية "وَأَمَّا الأُمُورُ الْبَاقِيَةُ فَعِنْدَمَا أَجِيءُ أُرَتِّبُهَا"(1 كو 11: 34).
وقد أوصى الكتاب المقدس الكنيسة أن تحفظ هذا التسليم، وتسلمه بأمانة وكفاءة للأجيال المتعاقبة...
  • "وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ، أَوْدِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاءَ، يَكُونُونَ أَكْفَاءً أَنْ يُعَلِّمُوا آخَرِينَ أَيْضًا" (2 تي 2: 2).
  • "مِنْ أَجْلِ هذَا تَرَكْتُكَ فِي كِرِيتَ لِكَيْ تُكَمِّلَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ النَّاقِصَةِ، وَتُقِيمَ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ شُيُوخًا (قسوسًا) كَمَا أَوْصَيْتُكَ" (تي 1: 5).
  • "تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي" (2 تي 1: 13).
لقد فهم الآباء الإنجيل بطريقة سليمة حسب قصد السيد المسيح. فكان إيمانهم نقيًا، وكذلك عاشوا بالإنجيل كما قصد السيد المسيح... فكانت حياتهم تقوية..."وما تعلمتموه، وتسلمتموه، وسمعتموه، ورأيتموه في، فهذا افعلوا" (في 4: 9).
ولولا هذا التسليم... لتعددت مدارس التفسير إلى الدرجة التي تنشأ بسببها الهرطقات والبدع الخطيرة بسبب الاجتهاد الشخصي في التفسير، وتدخل العوامل النفسية والشخصية في توجيه معنى الآيات.
يمكنك أن تتساءل... كيف فهم الآباء معنى ومدلول الآيات التالية؟
  • "أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي" (يو 14: 28).
  • "مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا" (مت 16: 25).
  • "أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ" (رو 9: 13).
  • "وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ" (مت 18: 9).
وغيرها... كثير من الآيات التي إذا فهمت بطريقة حرفية لضاع المعنى الذي يقصده السيد المسيح، وأخرى عسرة الفهم تحتاج شرحًا وتفسيرًا سليمًا، وأخرى لم يفهمها البعض فهمًا صحيحًا فأدت إلى ظهور الهرطقات والبدع الخطيرة.
إن العودة إلى التسليم الرسولي، هي أضمن السبل للاحتفاظ بالفهم السليم لنصوص الكتاب المقدس. فما أخطر أن يعتمد الإنسان على نفسه وعلى فكره الخاص...
  • "وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ" (أم 3: 5).
  • "لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ" (رو 12: 16).
  • "وَأَمَّا أَنْتَ فَاثْبُتْ عَلَى مَا تَعَلَّمْتَ وَأَيْقَنْتَ، عَارِفًا مِمَّنْ تَعَلَّمْتَ" (2 تى 3: 14).
وقيل عن دور الأسقف إنه يكون: حافظًا للتفسير السليم للآيات بحسب قصد السيد المسيح نفسه..
  • "مُلاَزِمًا لِلْكَلِمَةِ الصَّادِقَةِ الَّتِي بِحَسَبِ التَّعْلِيمِ، لِكَيْ يَكُونَ قَادِرًا أَنْ يَعِظَ بِالتَّعْلِيمِ الصَّحِيحِ وَيُوَبِّخَ الْمُنَاقِضِينَ" (تي 1: 9).
  • "أُوصِيكَ أَمَامَ اللهِ... أَنْ تَحْفَظَ الْوَصِيَّةَ بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ لَوْمٍ" (1 تي 6" 13، 14).
  • "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا آخَرَ، وَلاَ يُوافِقُ كَلِمَاتِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الصَّحِيحَةَ، وَالتَّعْلِيمَ الَّذِي هُوَ حَسَبَ التَّقْوَى، فَقَدْ تَصَلَّفَ، وَهُوَ لاَ يَفْهَمُ شَيْئًا، بَلْ هُوَ مُتَعَلِّلٌ بِمُبَاحَثَاتٍ وَمُمَاحَكَاتِ الْكَلاَمِ، الَّتِي مِنْهَا يَحْصُلُ الْحَسَدُ وَالْخِصَامُ وَالافْتِرَاءُ وَالظُّنُونُ الرَّدِيَّةُ" (1 تي 6: 3، 4).
إذًا ليست الأهمية أن نقرأ الإنجيل فقط... بل أيضًا أن نستنير بفكر الكنيسة في فهم الإنجيل، والسلوك بالوصية. وهذا ما هو حادث بالفعل في كنيستنا القبطية.. إذ هي متمسكة بالكتاب المقدس، وأيضًا بالطريقة التي فهمه بها الآباء.
دعونا نتمسك بـ:
  • "الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ" (يه 3).
  • "تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنِّي، فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا" (2 تي 1: 13، 14).
وهنا يؤكد للمرة الثانية أن هذا الإيمان والتفسير السليم قد يكون مكتوبًا في الأسفار المقدسة، أو مشروحًا شفاهيًا، ومسلمًا حياتنا للكنيسة "سَوَاءٌ كَانَ بِالْكَلاَمِ أَمْ بِرِسَالَتِنَا" (2 تس 2: 15).
إذ أن الكتاب المقدس لم يتسع لشرح كل الحقائق الإلهية "فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ" (يو 21: 25). ودعونا نحترس مما حذرنا الكتاب المقدس منه... "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُبَشِّرُكُمْ بِغَيْرِ مَا قَبِلْتُمْ، فَلْيَكُنْ «أَنَاثِيمَا»! (محرومًا)" (غل 1: 9).
St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ما الذي يضمن عدم تزييف التسليم الرسولي؟

قد يتخوف البعض أيضًا من أن الكنيسة -مع طول الزمان- قد تدخل آباءها بآرائهم الخاصة في التفسير والتسليم، مما يؤدى حتما إلى تزييف التسليم الرسولي الحقيقي والأصيل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. ويصير بذلك ما بين أيدينا من تقليد بعيدًا روحًا وموضوعًا عما كان بين أيدي الرسل والآباء الأولين.
أود أن أطمئن صاحب هذا التخوف المخلص.. أن الكنيسة منذ البداية لا تعتمد أي فكر، أو تفسير، أو اتجاه إلا عن طريق مجمع مقدس... "وَمَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِشُهُودٍ كَثِيرِينَ" (2 تي 2: 2).
فلو كان الأمر متروكًا لشخص واحد فقط (البابا مثلًا في أي عصر)، لكانت شبهة الانحراف والتزييف والتغيير واردة، لأننا لا نؤمن بعصمة الأفراد. ولكن الذي يحكم التعليم في الكنيسة ليسوا أفرادًا بل المجمع المقدس. فكنيستنا القبطية كنيسة مجتمعية وليست كنيسة بابوية.
وهناك قاعدة مستقرة في كنيستنا القبطية.. أننا لا نأخذ بأي تقليد، إلا إذا كان متوافقًا مع الكتاب المقدس، ومع الإجماع الكنسي، والسياق العام لإيماننا القويم، ومصدره الآبائي الأصيل معروف.
وليطمئن القارئ... أن ما قد تسلل إلى الكنيسة في أحد العصور من أفكار خاطئة، أو ممارسات ليست أصيلة (وهذا شيء نادر الحدوث)، فإن المجمع المقدسللكنيسة، له سلطان أن ينفى تراثها من هذه الإضافات غير الأصيلة.
إن ما لدينا من تسليم رسولي وآبائي... قد حافظت عليه كنيستنا القبطية بكل نقاوة وأمانة، وسلمته إلينا بكل دقة وتقوى، وقد بذلت الكنيسة دمها وعرقها، حبًا لفاديها وعريسها، وحفظًا لتراثها، وسلامه إيمانها.
فاذا أردت أن تستند إلى شرح إلهي مستنير، وتفسير أمين غير منحرف، وبدون شهوات خاصة... تعال إذا إلى كنيستك القبطية الأرثوذكسية لتعترف من كنوز معرفتها، لتشبع وتفرح، وتسعد بالمسيح إلهنا..."لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا. فَإِنَّنَا لَمْ نَكُنْ قَطُّ فِي كَلاَمِ تَمَلُّق كَمَا تَعْلَمُونَ، وَلاَ فِي عِلَّةِ طَمَعٍ. اَللهُ شَاهِدٌ" (1 تس 2: 3 – 5).
إننا نثق في كنيستنا وإيمانها، ونستطيع أن نجيب عن كل تشكيك في ممارسات الكنيسة وإيمانها... بأننا استلمنا هكذا – بكل ثقة...
  • لماذا نصوم بالزيت؟ لأننا استلمنا هكذا...
  • لماذا نصلى القداس؟ لأننا استلمنا هكذا...
  • لماذا نتشفع بالقديسين؟ لأننا استلمنا هكذا...
  • لماذا نصلى عن الراقدين؟ لأننا استلمنا هكذا...
ليس المهم وجود نصوص قد يحرفها البعض... كقول معلمنا بطرس الرسول عن كتابات بولس الرسول: "يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ" (2 بط 3: 16)...
لكن المهم هو ماذا فهم الآباء؟ وكيف عاشوا؟
إن المسيحية ليست مجموعة اختراعات بشرية، لكن هي فكر إلهي يعيشه الناس مسوقين بالروح القدس.. فهل عاش الآباء فعلًا بهذا الفكر الإلهي، ويظللهم الروح القدس؟ أم انقطع الروح عن إرشاد الناس حتى القرون الحديثة، عندما بدأ يرشد البعض حسب ادعائهم؟!!
إننا نؤمن بغير شك.. أن الروح القدس رافق الكنيسة طوال التاريخ، وعمل من الكثيرين قديسين... وصاروا قديسين لأنهم سلكوا بهذا الروح وبهذا الفكر الإلهي. ونحن عندما نسير خلفهم إنما نصل مثلهم "إِنْ لَمْ تَعْرِفِي أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاخْرُجِي عَلَى آثَارِ الْغَنَمِ، وَارْعَيْ جِدَاءَكِ عِنْدَ مَسَاكِنِ الرُّعَاةِ" (نش 1: 8).
St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التقليد يحكم:

هناك أسئلة قد يجهد العقل في إيجاد إجابة لها، ويختلف الناس حولها، ولكن الإجابة بسيطة هي: هل كان الآباء يعلمون هكذا؟
+ هل يوجد كهنوت في المسيحية؟ الإجابة هي: هل لم يكن كهنوت عند الآباء؟ وما تقول عن ذهبي الفم، وأثناسيوس، وساويرس، وأغسطينوس؟ ألم يكونوا كهنة ورؤساء كهنة؟
من يستطيع الآن أن يثبت لنا تاريخًا مُعَيّنًا دخل فيه الكهنوت إلى الفكر المسيحي؟
هل لم يكن هناك كهنوت أيام الآباء الرسل، ثم اخترعه المسيحيون، ثم جاء البعض ليرجعوا إلى الأصل كما يقولوا؟!! أن الكهنوت موجود في الكنيسة من أيام الرسل، وإلى المجيء الثاني بإذن الله دون الحاجة إلى العودة لآيات وإثباتات.
+ هل توجد إفخارستيا في المسيحية؟ الإجابة هي ماذا كان يفعل الآباء؟ وماذا نقول عن المذابح الأثرية الموجودة بكنائسنا بطول القطر وفي كل العالم؟
وماذا نقول عن القداس الذي كتبه مار مرقس الرسول (القداس الكيرلسى)؟ وماذا عن كل القداسات التي يرجع تاريخ تدوينها إلى القرن الرابع الميلادي؟
هل أخطأ آباؤنا وظل الله ساكتًا ساكنًا، حتى قامت حركتهم الإصلاحية، لتلغى الإفخارستيا والقداس، وتعود الكنيسة إلى أصولها الأولى التي لم يكن بها قداس؟ من يجرؤ أن يعلم هكذا؟!!
+ هل المعمودية ضرورية للخلاص؟ الإجابة هي ماذا كان يفعل الآباء خصوصًا في موضوع معمودية الأطفال؟
إن ما عمله الآباء هو بالنسبة لنا بمثابة مرجع، لأننا نؤمن أنهم قديسون، وأن الطريق الذي سلكوا فيه كان طريق الخلاص، وأن الله "لَمْ يَتْرُكْ نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ" (أع 14: 17)، ولم يترك الكنيسة ولو إلى لحظة حسب وعده الصادق "هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ». آمِينَ" (مت 28: 20)، وكذلك الروح القدس لم ولن يفارق الكنيسة، بل يقودها ويرشدها...
  • "وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ" (يو 14: 16).
  • "لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ" (يو 14: 17).
  • "وَأَمَّا الْمُعَزِّي، الرُّوحُ الْقُدُسُ، الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي، فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ، وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يو 14: 26).
  • "وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ" (يو 16: 13).
دعنا إذًا من سفسطة الكلام... ولندخل إلى العمق، لنتذوق معًا جمال الله المستودع في الأرثوذكسية.
إن الحياة الروحية ليست كلامًا، بل عملًا وفرحًا وشبعًا لا ينقطع، والمسيحية ليست جدالات عقيمة لكنها اختبار مشبع.
إذًا يا أحبائي:
  • "لاَ يُخَسِّرْكُمْ أَحَدٌ الْجِعَالَةَ، رَاغِبًا فِي التَّوَاضُعِ وَعِبَادَةِ الْمَلاَئِكَةِ، مُتَدَاخِلًا فِي مَا لَمْ يَنْظُرْهُ، مُنْتَفِخًا بَاطِلًا مِنْ قِبَلِ ذِهْنِهِ الْجَسَدِيِّ" (كو 2: 18).
  • "لأَنَّ وَعْظَنَا لَيْسَ عَنْ ضَلاَل، وَلاَ عَنْ دَنَسٍ، وَلاَ بِمَكْرٍ، بَلْ كَمَا اسْتُحْسِنَّا مِنَ اللهِ أَنْ نُؤْتَمَنَ عَلَى الإِنْجِيلِ، هكَذَا نَتَكَلَّمُ، لاَ كَأَنَّنَا نُرْضِي النَّاسَ بَلِ اللهَ الَّذِي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا" (1 تس 2: 3، 4).

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;