الحبل بلا دنس فى ولادة العذراء مريم
يعتقد البعض أن العذراء مريم قد حُبل بها خالية من الخطية الأصلية، ولكنهم يعترفون أنها قد وُلدت من أب وأم بولادة طبيعية وليس بولادة معجزية من الروح القدس مثلما حدث فى حبل العذراء مريم بالسيد المسيح. وهم يؤمنون أن هذا الاعتقاد المضاد لعقيدة الفداء فيه تكريم للعذراء من جانب، وأيضا تأكيد لفكرة خلو المسيح من الخطية الأصلية، لأن المسيح أخذ جسده من العذراء مريم، أو بالأحرى أخذ الطبيعة البشرية الكاملة من العذراء مريم (أى جسداً وروحاً) وذلك بتوسط الروح القدس الذى عمل عملاً إلهياً معجزياً فى تكوين الجنين فى بطنها. (ليس خلقاً من العدم).
وهذا التعليم يتعارض تماماً مع تعاليم الإنجيل، لأن العذراء مريم قالت: "تعظم نفسى الرب وتبتهج روحى بالله مخلصى" (لو1: 46). معترفة بذلك أنها تحتاج الخلاص كسائر البشر. ومن المعلوم يقيناً أن الذى شابهنا فى كل شىء ماخلا الخطية وحدها هو السيد المسيح، ولذلك فإن موته قد حُسب لأجلنا لأنه لم يكن مستحقاً للموت وهو الذى لم توجد فيه خطية ولا وُجد فى فمه غش، وكان خالياً من الخطية الجدية خلواً تاماً، وفى برارته كان مطلق البرارة والقداسة ولذلك فهو الوحيد الذى بإمكانه أن يفدى البشر بموته.
• أما عن مفهوم أنه لكى يخلو السيد المسيح من الخطية الجدية، فلابد أن تخلو منها العذراء مريم فإننا نرد عليه بما يلى :
أولاً: إن الروح القدس حل على العذراء طهرها وقدسها وملأها نعمة. ولهذا فإن ما أخذ من العذراء ليصير جسدًا لابن الله الكلمة كان الروح القدس قد طهره لكى يتناسب مع كرامة القدوس الأزلى، الذى سوف يتحد به اتحاداً كاملاً يفوق الوصف والإدراك، كقول الكتاب "الروح القدس يحل عليك وقوة العلى تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يُدعى ابن الله" ( لو1: 35).
ثانياً: يضاف إلى ذلك إننا لو قبلنا مبدأ وجوب خلو العذراء من الخطية الأصلية لكى لا يرثها منها السيد المسيح، فإننا نسأل كيف لم ترث العذراء الخطية الجدية من والديها إلا لو كانوا هم بلا خطية أصلية!! وماذا عن آبائهم وآباء آبائهم صعوداً إلى آدم وحواء. فهذا المنطق يلزمه أحد أمرين لا ثالث لهما :
1- إما إن آدم وحواء لم يخطئا!!
2- أو إن أبوى العذراء مريم لم يكونا من نسل آدم وحواء !!
وبالطبع لا يمكن أن أحداً يقول بأى من الاختيارين.