هل شعبنا القبطي لديه هوس بالمعجزات؟
نعم، ولكن ليس كل الشعب، إن كثير من شعبنا القبطي بسطاء ولكن في نفس الوقت هؤلاء البسطاء يحترمون الكهنوت، وهذا ما يحمى.. فإن رفضت رئاسة الكنيسة أمرًا ما يخضعون. فلدينا توازنًا بين أمرين: الهلع والهرع وراء المعجزات مثلًا ظهور السيدة العذراء أو الشهيد مار جرجس في مكان ما.. إلخ، وبين احترام الشعب للكهنوت..
يقول معلمنا بولس الرسول: "الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ!" (2كو11: 14) فبالدراسة، وبالتحقق، وبالصلاة يتضح الصح من الخطأ.
الثالوث المسيحي
يتهم البعض عبادتنا في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنها امتداد للعبادة الفرعونية الوثنية. بل يوجد كتاب موجود حاليًا ومنتشر، يقول إن الثالوث المسيحي هو إيزيس وأوزوريس وحورس. وإن البابا ألكسندروس حارب أريوس الذي كان يحاول أن يمنع دخول الثالوث الوثنى، إيزيس وأوزوريس وحورس، إلى المسيحية. أي أن البابا ألكسندروس حرم أريوس لأن أريوس كان مخلصًا للعقيدة المسيحية في أنه يرفض عقيدة الثالوث!
هناك اتهام فعلًا أن عبادتنا هي امتداد للعبادة الفرعونية الوثنية. وللرد نقول:
إن أول من ذكر تعبير الثالوث triadoV (تريادوس) باللغة اليونانية، هو الشهيد الأسقف ثاؤفيلوس الأنطاكي (167م). كما ورد ذكر الآب والابن والروح القدس في الكتاب المقدس مثلًا عندما قال السيد المسيح "اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ" (مت28: 19)، نلاحظ هنا أنه قال "باسم" وليس بأسماء. كما ورد ذكر الآب والابن والروح القدس كثيرًا في الكتاب المقدس في العهد القديم والعهد الجديد، لكن تجميعهم هم الثلاثة تحت تعبير الثالوث كان بواسطة الشهيد الأسقف ثاؤفيلوس الأنطاكي. فأول من ذكر هذا التعبير كان في أنطاكيا في جنوب شرق تركيا، وليس من المصريين المسيحيين. ثم بعد ذلك انتقل هذا التعبير إلى مصر من أنطاكيا، فلا علاقة لها بالفراعنة.
إن الفراعنة لم يكن لديهم الآلهة إيزيس وأوزوريس وحورس فقط بل كان لديهم آلهة أخرى كثيرة مثل الإله أمون وغيره، كما ذكرنا أيضًا هنا فيموقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. والدليل على ذلك أنه عندما قال الله لموسى عند الضربة الأخيرة من الضربات العشر "فَإِنِّي أَجْتَازُ فِيأَرْضِ مِصْرَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَأَضْرِبُ كُلَّ بِكْرٍ فِي أَرْضِ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ وَأَصْنَعُ أَحْكَامًا بِكُلِّ آلِهَةِ الْمِصْرِيِّينَ. أَنَا الرَّبُّ" (خر12 : 12). هذا يدل على أن المصريين كان لديهم آلهة كثيرة. مثل العجل أبيس مثلًا الذي لم يكن مجرد تمثال، ولكنه كان ثور حقيقي موجود في طيبة، هذا الثور يتم اختياره من أحسن السلالات، يطعمونه ويهتمون به ويصير هو الإله أبيس. وعندما يموت كان يتم اختيار آخر بدلًا منه. وكذلك إله الموتى أنوبيس ذو الأنف طويل، الذي يهتم بدفن الموتى.
عندما ذهبت لزيارة معبد فيلا في صعيد مصر وجدت داخل المعبد كنيسة بها أيقونة مرسومة على الحائط ومذبح صغير. وعند دخولي إلى المعبد وجدت أن أغلب وجوه التماثيل محطمة. فحزنت على هذا التراث الفرعوني الجميل. لكن عندما دخلت إلى الداخل ورأيت المذبح المسيحي فهمت. فقد كان هناك رفض حاد بين المسيحيين للعبادة الوثنية. لكن لأن العبادة الوثنية انتهت حاليًا لذلك أحيانا نقول ليتهم لم يحطموا هذه التماثيل لأنها تراثنا.. هذا من ناحية التراث والاعتزاز بالتاريخ. أما عملية التكسير فمع أنها مؤسفة إلا أنها تعبّر عن غيرة المسيحيين المصريين الذين يُعتبرون امتدادًا لقدماء المصريين.
في اللغة أيضًا تعتبر اللغة القبطية هي امتداد للغة الديموطيقية المتصلة باللغة الهيراطيقية واللغة المصرية القديمة، لكنها كتبت بحروف يونانية لتسهيل القراءة لصعوبة الرسومات التي تعبر عن حروف قدماء المصريين.
لذلك تارة يتهمونا بأننا امتداد للعبادات الوثنية الخاصة بقدماء المصريين. وتارة أخرى يتهموننا أننا اضطهدنا الوثنيين، عندما تحول آباؤنا إلى المسيحية.