4- التدشين
عندما تدشن الأيقونة بالميرون في الكنيسة يصبح لها تكريم خاص. لأنه إذا كان تابوت العهد عندما كان الكهنة يحملونه كانوا يقولون: "قم أيها الرب الإله ولتتفرق جميع أعداءك" (انظر 2أى 6: 41). وعندما أخذوا تابوت العهد من الخيمة إلى ساحة المعركة وهتف الشعب حينما كانوا يحاربون الوثنيين وهم شعب الله الذي كان هو وحده من يعبد الله، سمع الفلسطينيون صوت الهتاف فقالوا: "مَا هُوَ صَوْتُ هَذَا الْهُتَافِ الْعَظِيمِ فِي مَحَلَّةِ الْعِبْرَانِيِّينَ؟ وَعَلِمُوا أَنَّ تَابُوتَ الرَّبِّ جَاءَ إِلَى الْمَحَلَّةِ" (1صم 4: 6). فحيثما يذهب تابوت العهد كان هذا يعنى أن الله يحل في وسط شعبه، مثل "عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا" (انظر مت 1: 23). وعندما لمس عُزة التابوت وهو لم يكن من الكهنة وقع ميتًا في الحال "وَلَمَّا انْتَهُوا إِلَى بَيْدَرِ كِيدُونَ مَدَّ عُزَّةَ يَدَهُ لِيُمْسِكَ التَّابُوتَ، لأَنَّ الثِّيرَانَ انْشَمَصَتْ فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى عُزَّةَ وَضَرَبَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَدَّ يَدَهُ إِلَى التَّابُوتِ، فَمَاتَ هُنَاكَ أَمَامَ اللَّهِ" (1أى13: 9، 10). وداود النبيرقص أمام التابوت لكنه لم يلمسه لأنه لم يكن كاهنًا.
موسى النبي نفسه دشّن محتويات الخيمة كلها قبل أن يتراءى مجد الرب فيها. وعملية التدشين كانت تتم إما بالماء والدم أو بزيت المِسحة المقدس. لقد قدّس موسى هارون وبنيه بزيت المِسحة المقدس، أما بالنسبة للأواني والأشياء الأخرى فدشّنها بالماء والدم.
إن الأيقونات التي نكرّمها في الكنيسة هي مدشّنة بزيت الميرون المقدس، وتعمل فيها نعمة الروح القدس.
ألم يرى يعقوب الملائكة صاعدون ونازلون على سلم بين الأرض والسماء والرب واقف عليه، وقال إن الرب في هذا المكان وأنا لم أعلم "وَخَافَ وَقَالَ: مَا أَرْهَبَ هَذَا الْمَكَانَ! مَا هَذَا إلاَّ بَيْتُ اللهِ وَهَذَا بَابُ السَّمَاءِ!" (تك28: 17)، وأخذ الحجر الذي كان تحت رأسه، وأقامه وصب عليه زيت زيتون، ودعى اسم ذلك المكان بيت إيل أي بيت الله، ودشّن هذه المنطقة، وقال للرب إذا أرجعتني إلى أرض آبائي سأعبدك في هذا المكان.
التدشين بالميرون يعطى الطاقة (الأنيرجيا) فقط أي نعمة، وليس جوهر (الأوسيا) الروح القدس وإلا صرنا آلهة في سر الميرون للمؤمنين، أو تصير الأيقونة إلهًا عند تدشينها وهذا أمر يتعارض مع الإيمان المسيحي.
لكننا نصلى أمام الأيقونة بفعل روحي بالإنيرجيا أي بالطاقة، لأن الإنسان المسيحي ممسوح بالروح القدس، والأيقونة هي مجرد وسيلة اتصال مع صاحب الأيقونة وبفعل الروح القدس بالطاقة وليس بالجوهر. لكن أقنوم الروح القدس نفسه هو الذي يمنح هذه الطاقة.