ملحق رقم 1
البيان المشترك*
بولس السادس أسقف روما وبابا الكنيسة الكاثوليكية، وشنوده الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، يقدمان الشكر لله فى الروح القدس، إذ أنه بعد الحدث العظيم لعودة رفات القديس مرقس إلى مصر، قد تقدمت العلاقات بين كنيستى روما والإسكندرية، حتى أمكن الآن أن يصير بينهما لقاء شخصى. وفى ختام اجتماعاتهما ومحادثاتهما يودان أن يعلنا معاً ما يلى:
لقد تقابلنا معاً تحدونا الرغبة فى تعميق العلاقات بين كنيستينا، وإيجاد وسائط واضحة المعالم وفعالة للتغلب على العقبات التى تقف عائقاً فى سبيل تعاون حقيقى بيننا فى خدمة ربنا يسوع المسيح الذى أعطانا خدمة المصالحة لنصالح العالم فيه (كورنثوس الثانية 5: 18- 20).
وطبقاً لتقاليدنا الرسولية المسلّمة لكنيستينا والمحفوظة فيهما، ووفقاً للمجامع المسكونية الثلاثة الأولى، نعترف بإيمان واحد بالإله الواحد مثلث الأقانيم، وبلاهوت ابن الله الوحيد، الأقنوم الثانى للثالوث القدوس، كلمة الله وشعاع مجده ورسم جوهره، الذى تجسد من أجلنا، متخذاً لنفسه جسداً حقيقياً بروح عاقلة، وشاركنا فى إنسانيتنا ولكن بغير خطيئة. ونعترف أن ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح، إله كامل من حيث لاهوته، وإنسان كامل من حيث ناسوته. وفيه اتحد لاهوته بناسوته اتحاداً حقيقياً كاملاً بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تشويش ولا تغيير ولا تقسيم ولا افتراق. فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وأنه وهو الإله الأزلى الأبدى غير المنظور صار منظورًا فى الجسد، واتخذ صورة عبد. وفيه قد حفظت كل خواص اللاهوت وكل خواص الناسوت معاً فى اتحاد حقيقى وتام غير منقسم وغير مفترق.
إن الحياة الإلهية تمنح لنا وتنمو فينا وتتغذى بواسطة أسرار المسيح السبعة فى كنيسته وهى: المعمودية، والميرون (التثبيت)، والإفخارستيا، والتوبة، ومسحة المرضى، والزيجة، والكهنوت.
ونحن نكرم العذراء مريم، أم النور الحقيقى، ونعترف أنها دائمة البتولية، وأنها والدة الإله، وأنها تشفع فينا وأنها بصفتها والدة الإله (ثيئوتوكوس) تفوق فى كرامتها جميع الطغمات الملائكية.
وأن لنا، إلى درجة كبيرة، نفس المفهوم عن الكنيسة، المؤسسة على الرسل، والدور الهام الذى للمجامع المسكونية والمحلية. وتعبّر طقوسنا وليتورجية القداس خير تعبير عن روحانيتنا، فالقداس هو مركز وجوهر عبادتنا الجماعية وهو قمة اتحادنا وشركتنا فى المسيح فى كنيسته. ونحن نحفظ الأصوام والأعياد الخاصة بإيماننا. ونكرم ذخائر القديسين ونتشفع بالملائكة والقديسين الأحياء منهم والمنتقلين. هؤلاء يؤلفون سحابة من الشهود فى الكنيسة. وهم ونحن ننتظر- فى رجاء- المجئ الثانى لربنا عند استعلان مجده ليدين الأحياء والأموات.
ونحن نعترف، بكل إتضاع، أن كنائسنا غير قادرة على أن تشهد للحياة الجديدة فى المسيح، بصورة أكمل، بسبب الانقسامات القائمة بينها والتى تحمل وراءها تاريخاً مثقلاً بالصعوبات لعدة قرون مضت. والواقع أنه منذ عام 451م، قد نشبت خلافات لاهوتية امتدت واتسعت وبرزت بسبب عوامل غير لاهوتية. وهذه الاختلافات لا يمكن تجاهلها، ولكن بالرغم من وجودها، فإننا نعيد اكتشاف أنفسنا فنجد أن لكنيستينا تراثاً مشتركاً، ونحن نسعى بعزم وثقة فى الرب أن نحقق كمال تلك الوحدة وتمامها التى هى هبة من الرب.
ولكى نتمكن من إنجاز هذه المهمة، نشكل لجنة مشتركة من ممثلين للكنيستين، مهمتها توجيه دراسات مشتركة فى ميادين: التقليد الكنسى وعلم آباء الكنيسة والليتورجيات واللاهوت والتاريخ والمشاكل العلمية، حتى إنه يمكن السعى بالتعاون المشترك لحل الخلافات القائمة بين الكنيستين، بروح الاحترام المتبادل، بل ونستطيع نعلن الإنجيل معاً بطرق تتطابق مع رسالة الرب الأصيلة، ومع احتياجات عالم اليوم وتطلعاته. ونعبّر فى نفس الوقت عن تقديرنا وتشجيعنا لأى جماعات أخرى من الدارسين ومن الرعاة، من بين الكاثوليك والأرثوذكس ممن يكرسون جهودهم لنشاط مشترك فى الميادين المذكورة وما يتصل بها.
وإننا فى إخلاص وإلحاح، نذكر أن المحبة الحقيقية، والمتأصلة فى أمانة كاملة للرب الواحد يسوع المسيح، وفى الاحترام المتبادل من كل طرف لتقاليد الطرف الآخر، لهى عنصر جوهرى فى السعى نحو الشركة الكاملة.
إننا باسم هذه المحبة، نرفض كل صور الاستلال من كنيسة إلى أخرى، بمعنى أن يسعى أشخاص لإزعاج الكنيسة الأخرى، وذلك بضم أعضاء جدد إليهم من هذه الكنيسة، بناء على اتجاهات فكرية أو بوسائل تتعارض مع مقتضيات المحبة المسيحية أو مع ما يجب أن تتميز به العلاقات بين الكنائس. ينبغى أن يوقف هذا الخطف بكل صورة أينما وجد. وعلى الكاثوليك والأرثوذكس أن يجاهدوا من أجل تعميق المحبة، وتنمية التشاور المتبادل، وتبادل الرأى والتعاون فى المجالات الاجتماعية والفكرية. ويجب أن يتواضعوا أمام الرب، ويتضرعوا إليه أن يتفضل، وهو الذى بدأ هذا العمل فينا، أن يكمله.
وإذ نفرح فى الرب الذى منحنا بركات هذا اللقاء، تتجه أفكارنا إلى آلاف المتألمين والمشردين من شعب فلسطين. ونأسف على سوء استخدام الحجج الدينية لتحقيق أغراض سياسية فى هذه المنطقة. وبرغبة حارة نتطلع إلى حل عادل لأزمة الشرق الأوسط حتى يسود سلام حقيقى قائم على العدل، خصوصاً فى تلك الأراضى التى تقدست بكرازة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وموته وقيامته، وبحياة القديسة العذراء مريم هذه التى نكرمّها معاً بصفتها والدة الإله (ثيئوتوكوس). لعل الله مانح جميع المواهب والعطايا يسمع صلواتنا ويبارك سعينا.
الفاتيكان فى 10 مايو سنة 1973
بولس السادس شنودة الثالث