خاتمة
يقول أحدهم :
الرجاء هو مبدأ جبَّار للعمل
من أجل تحقيق الإنسانيَّة الكاملة
إننا بحاجة الآن لاستراتيجيَّة جديدة في التوبة، نُجابه بها أعداءنا الذين يُلقون بشباك اليأس على أرض الأحياء فتصطاد يوميًّا المئات ممَّن مات المسيح من أجلهم. نحتاج لاستراتيجيَّة ثقة كاملة واطمئنان في الله، استراتيجيَّة صرخات دائمة تخترق غيوم اليأس وظلام الخطيئة. صرخات صلاة في كلّ وقتٍ وفي كلّ مكانٍ، دون الالتفات إلى الحالة البائسة التي قد نكون عليها، فالصراخ هو وسيلتنا لتغيير تلك الحالة بقوَّة النعمة. نحتاج بالفعل إلى استراتيجيَّة رجاء لا يهتزّ ثابتًا كالصخر، فالرجاء هو مِرساة النفس حينما تخبطها الأمواج وتُوشك على الغرق والهلاك … والرجاء المُتشوِّق للخلاص هو السلاح الذي نجتاز به تلك المعركة. إنه السلاح الذي لا تستطيع قوَى الظلمة أن تَصْمُد أمامه.
لقد أكَّد القديس بولس بوعيه الروحي المستنير، على أهميَّة هذا الرجاء في ذلك الصراع بين النور والظلمة، قائلاً: « بالرجاء خَلُصْنــَا » (رو8: 24) ، فتوبة بلا رجاء هي مسيرة بلا ضياء تنتهي عند جرف اليأس .. هي مسيرة يدفعها ويُغذيها الشيطان، لأنها بحسب خِطته لهلاك البشريَّة!!
وعن شعلة الرجاء، يكتب شارل بيجيCharles Peguy، فيقول:
هناك شُعلة لايستطيع شيء أن يُطْفِئها،
ولا يقدر مخلوق أن يُخْمِدها،
لأن تلك الشُعلة هي أبقَى من الزمن،
وأقوى من الموت.
فليكن لك ذلك الرجاء بأن الرب سيُنير ظلمتك (مز18: 28) مهما اشتدّت ومهما طالت الظلمة، فسيظل نور الرب أقوى من ظلمة الخطيئة. وحينما يأتي سيُعلن للنفس قائلاً: « أنا هو نور العالم، من يَتْبعني لا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة » (يو8: 12)، وبالفعل سيهبك نور الحياة.
وحينما يأتي، سيَحْمِل لك ترياق الحياة، فيُشدِّد رجليك المُتحجِّرة فتصير كرجليَّ الأيِّل (مز18: 33). ستقفز فوق مرتفعات الشهوة، وستنفتح عيناك على آثار المُخلِّص، أثناء رحلتك نحو نبع النور، لكي لا تَزَلّ قدماك (مز17: 5). سيُعرِّفك سُبل الحياة ويُشبعك بالسرور ويغمرك بالنِعم من يمينه المُتمجِّدة بالقوَّة (مز16: 11).
حينها ستترنــَّم بخلاص الرب (مز20: 5)، بل وسترفع رايتك باسم الرب (مز20: 5)، راية شهادة للعالم أجمع؛ راية قد كُتِب عليها بدماء الحبّ المسكوبة على مذبح الصليب ..
« كلّ من عنده هذا الرجاء به، يُطهِّر نفسه »
(1يو 3 : 3)
سارافيم البرموسي
أغسطس 2009