موقع شبهات واسئلة لاهوتية موقع مسيحي متخصص في #المسابقات_المسيحية #الرد_على_الالحاد #اللاهوت_الدفاعى #كتب_مسيحيه #الابائيات #الكنيسة #اللاهوت_المقارن
هل قام يسوع من بين الأموات ؟
لي ستروبل
عندما يُطلب من المسيحيين أن يقدموا برهاناً على أن إيمانهم مبني على الحقائق بدلاً من الأساطير والأمنيات ,يشيرون فوراً إلى قيامة يسوع جي أي باركر j.p parker ,بروفسور المتقاعد في كلية ريجينت regent college ,يرى أن الاسباب وراء ذلك هي عديدة وفي غاية الاهمية :
“إن حدث القيامة كما يؤكدون ,يبرهن ألوهة يسوع ويصادق على تعاليمه ,ويشهد على اتمام عمله الكفاري عن الخطايا,ويثبت سيطرته الحالية الكون ,ورجوعه ثانية كديان .كما أنه يؤكد لنا أنّ عفوه الشّخصي وحضوره وسلطانه على حياة الناس اليوم واقعٌ وأمرٌ حقيقي ,ويضمن لكل مؤمن الحصول على جسد جديد ممجد عند القيامة في العالم العتيد”[1]
في ضوء كل ما يتوقف على حقيقة قيامة يسوع من الاموات ,فإنه لمن المُشجع معرفة أن هذا الحدث الفوق-طبيعي هو موثق وبشكل كامل في السّجلات .فحتى المُشكك سابقاً السّير ليونيل لاكهو sir lionel luckhoo ,صاحب لقب المحامي الأكثر نجاحاً في العالم ,بحسب كتاب غينيس للأرقام القياسية ,فقد أُجبر على استخلاص ما يلي بعد دراسة معمقة للدلائل :”أنا أصرح ,بما لا يرقى إليه أي شك ,بأن الادلة على قيامة يسوع المسيح هي ساحقة ,لدرجة أنها تفرض علينا قبولها بحجة البرهان والدليل .وهذا لا يترك أي مجالاً للشك إطلاقاً”[2]
تبدا الادلة بموت يسوع من طريق جلده الوحشي وصلبه .والادلة تُكذّب النظريات القائلة أنه لربما قد أغمي عليه على الصليب ,ثم أنعشه لاحقاً هواء القبر البارد .”إنه لمن الواضح أن الادلة التاريخية والطبية تشير إلى أنّ يسوع قد مات حتى قبل أن يُطعن في جنبه ” هذا ما أشارت إليه إحدى مقالات المجلة المرموقة .”مجلة جمعية الطب الامريكية” journal of the American medical Association ثم يضيف المقال :”وبناءً على ذلك,فإن التفاسير القائمة على افتراض عدم موت يسوع على الصليب ,تعارض علن الطب الحديث”[3]
وعلى الرّغم من الاقتراح الذي يقدمه جون دومينيك كروسان john dominic crossan ضمن وثيقة جيننغز ,والذي مفاده أن جسد يسوع كان على الارجح قد تُرِكَ على الصليب “ليفسد وتأكله الغربان والكلاب”,فإن الدارس الليبرالي الرّاحل جون أي تي روبنسون john A.T Robinson من جامعة كامبردج ,رأى أن حدث دفن يسوع يعتبر واحداً من أبكر الحقائق المُتعلقة بيسوع وأكثرها توثيقاً”[4]
لقد تم شرح القضية المؤيدة لقيامة يسوع من الاموات ,وبالتفصيل في العديد من الكتب والمجلات العلمية .غير أن النقاط الاربعة التالية تعطي لمحة شاملة كما قال وليم لين كريغ عن ” السبب الذي يجعل صنف التشكيك الذي يُعرب عنه أعضاء جمعية “سيمنار يسوع” ….لا يُخفق في تمثيل الرأي الذي يُجمع عليه الدارسون فحسب ,بل حتى يبدو غير مُبرر ,إلى حد كبير “[5]
قصص مبكرة :شهادة التاريخ الجديرة بالثقة
يرجع تاريخ اقدم تقرير عن قيامة يسوع الى وقت قريب جداً من الحدث نفسه ,بحيث لا يمكن أن يكون قد تأثر سلباً ,وبالتالي فقد موثوقيته بفعل دخول الاساطير إليه ,وفي 1كورنثوس 3:15-8 ,يدوّن بولس الرسول عقيدة في غاية الاهمية ,والتي كانت تتلى بين اوساط جماعة المسيحيين الاولين ,هذه العقيدة تؤكد على:
فإنني سلمت إليكم في الأول ما قبلته أنا أيضا: أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب، وأنه دفن، وأنه قام في اليوم الثالث حسب الكتب، وأنه ظهر لصفا ثم للاثني عشر. وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لأكثر من خمسمئة أخ، أكثرهم باق إلى الآن. ولكن بعضهم قد رقدوا. وبعد ذلك ظهر ليعقوب، ثم للرسل أجمعين. وآخر الكل كأنه للسقط ظهر لي أنا.
يعتقد دارسون كُثر ينتمون إلى تيارات لاهوتية مختلفة ,أن تاريخ هذه العقيدة ينحصر بين فترة السنتين إلى الثماني السنوات ,التي تلت قيامة يسوع ,عندما استلمها بولس إما في دمشق أو في أورشليم وقد قال الخبير في حدث القيامة غاري هابيرماس Gary Habermas:
“أؤيد العلماء القائلين إن بولس تسلم هذه العقيدة بعد ثلاث سنوات من تحوله إلى المسيحية ,عندما كان في رحلة إلى أورشليم و…حصل عليها مباشرة من شاهدي العيان بطرس ويعقوب بالذات”[6]
إن العديد من الروايات في أعمال الرسل 1-5 ؛10و13 تتضمن أيضاص بعض العقائد التي تقدم معلومات باكرة جداً عن موت المسيح وقيامته .ويشير الدارس جون دراين John Drane إلى أن “الدليل الاكثر قدماً الذي في حوزتنا عن القيامة يعود وبالتأكيد إلى الزمن الذي تلى الحدث مباشرة”ويتابع:”وهو الدليل المتضمن في أولى عظات سفر أعمال الرسل …فمما لا شك فيه أن كاتب الاصحاحات الاول من أعمال الرسل قد احتفظ بمعلومات استقاها من مصادر مبكرة جداً”[7]
إلى ذلك ,هناك دلائل تشير إلى أن البشير مرقس أتى بقصة الام المسيح من مصدر مبكر جداً ,كتب قبل السنة السابعة والثلاثين الميلادية ,أي بعد أربع سنوات فقط على قيامة يسوع[8]
إن هذه التقارير من الصفوف الامامية للتاريخ, مقرونة بروايات الاناجيل الاخرى والموثوق بها ,تقضي على الجدال القائل إن قصة قيامة يسوع ماهي سوى أسطورة تطوّرت بفعل مرور عقود على حياته.
قبر فارغ:بالاجماع .الجسد المفقود
حقيقة القبر الشاغر ,المبلغ عنها صراحة أو ضمناً في المصادر المبكرة لإنجيل مرقس ,وفي عقيدة الاصحاح الخامس عشر لرسالة كورنثوس الاولى ,هي حقيقة يُسلم بها الجميع .ولا حتى السلطات الرومانية أو القادة اليهود ادّعو بأن القبر ما زال يحوي جسد يسوع.بل كانوا مُجبرين على اختلاق القصة السخيفة القائلة إن التلاميذ ,وعلى الرغم من عدم توفر الدافع أو الفرصة ,قد سرقوا الجسد ,وهي نظرية لا يعتقد بها أكثر النقاد تشكيكاً في يومنا هذا.
مصداقية القبر تاتي لتعززها حقيقة أنه اكتشف فارغاً من قِبل مجموعة نساء ,والتي كانت تعتبر شهادتهن غير جديرة بالثقة في عرف الثقافة اليهودية للقرن الاول , حتى أنهن لا يستطعن أن يشهدن في محكمة قانونية .”الاقرار بهذا الامر ,لا بد أنه شكل ارباكاً للتلاميذ”,هذا ما لاحظه وليم لين كريغ .ثم تابع يقول :”ولو كانت هذه القصة أسطورة ,لعمد التلاميذ بكل تأكيد لطمسها”.وقد استشهد كريغ بحقيقة مقنعة أخرى :”كان موقع قبر يسوع معروفاً لدى المسيحيين واليهود على حد سواء .فإن لم يكن القبر فارغاً ,لبات من المستحيل على حركة قائمة على الايمان بالقيامة ,أن تتواجد في المدينة نفسها التي أُعدم فيها هذا الرجل ودفن”[9]
شهادة شهود عيان :أن أرى يعني أن أؤمن
الامر لا يقتصر فقط على حقيقة القبر الفارغ,ولكن العهد الجديد يدون لنا أن يسوع ,وعلى امتداد أربعين يوماً ,ظهر حياً أكثر عشر مرات مختلفة ولأكثر من خمسمئة وخمسة عشر فرداً :لرجال ونساء . لمؤمنين ومشككين ,لأناس ذوي عقول صلبة ولاخرين من أصحاب القلوب الرقيقة ,لجماعات وأفراد ,تارة في أماكن مغلقة وطوراً في العراء وفي وضح النهار .
تدون لنا الاناجيل ان يسوع بعد قيامته تكلم مع الناس ,أكل معهم , حتى أنه دعا أيضاً أحد المشككين الى وضع اصبعه في المكان الذي أحدثه ثقب المسمار في يديه ,وإلى جعل يده داخل مكان طعنة الحربة في جنبه ,ليتأكد من أنه هو يسوع نفسه .لقد كانت هذه التجربة مغير لحياة توما ,حتى أنه ظل ينادي بحقيقة قيامة المسيح إلى حين مماته بشكل عنيف في جنوب الهند ,كما نفهم من سجلات تاريخ الكنيسة.
قام الدارس سي اتش دوود C.H DODD من جامعة كامبردج Cambridge بتحليل دقيق للمراجع التاريخية .وهكذا خلص إلى القول إن العديد من هذه الظهورات مبني على مصادر مبكرة جداً ,بما في ذلك لقاء يسوع مع النسوة في متى 8:28-10 ,ولقاؤه مع الرسل الاحد عشر في متى 16:28-20 ,ولقاؤه مع التلاميذ في يوحنا 19:20 -23 [10]
ادعى النقاد بان هذه الظهورات بأن هذه الظهورات هي من نتاج هلوسة أو “تفكير جماعي ” حيث يُقنع الناس بعضهم بعضاً برؤية أمور غير موجودة .غير ان علماء النفس صرفوا النظر عن هذا الاحتمال من خلال تبيان حقيقة أن الهلوسة هي حدث فردي ,ولايمكن أن يختبره مجموعة من الناس معاً ,كما أن الظروف حينها لم تكن مؤاتية لحدوث نظرية “الفكر الجماعي” [11]
إلى ذلك إن كان الرسل والتلاميذ قد تخيلوا فقط ظهور يسوع لهم حيّاً ,فأين ذهبت الجثة؟
أمّا الاقتراحات القائلة إن يسوع المقام من بين الاموات مأخوذة من الاساطير التاريخية عن الهة يموتون ويقومون ,فتُمنى بالفشل بدورها حين يُنظر إلى هذه القصص الاسطورية ضمن قرينتها الصحيحة كونها تُعبّر عن دورة الطبيعة حيث تموت المحاصيل في الخريف وتعود إلى الحياة في الربيع .”فإن قمنا بمقارنة هذا مع وصف يسوع المسيح في الاناجيل ,نجد أننا نقف هنا أمام أمور تاريخية بحتة.وما من اوجه شبه بينها وبين يُفترض أنه قصص ’كان ياما كان‘”[12]
هذا مايقوله غريغوري بويد Gregory Boyd مؤلف كتاب “فيلسوف حكيم يشكك في نوايا الناس أم ابن الله؟” cynic sage or son of God?
ويقدم اللاهوتي والمؤرخ كارل براتين carl Braaten الملاحظة التالية:” حتى أكثر المؤرخين تشككياً يوافقون على أن قيامة يسوع من بين الاموات ,كانت حدثاً تاريخياً حقيقياً في نظر المسيحيين الاوّلين ,وأساساً لإيمانهم وهذا الحدث ليس بفكرة خرافية من نسج خيال المؤمنين آنذاك”[13]
نشوء الكنيسة :ملء فراغ في التاريخ
لقد لاحظ جي بي مورلاند J.P Moreland أن تحويل يوم العبادة لدى يهود القرن الاول من يوم السبت إلى يوم الاحد كان يحتاج إلى حدث عظيم كقيامة يسوع من بين الاموات ,بالاضافة أيضاً إلى تخليهم عن نظام تقديم الذبائح لمغفرة الخطايا والتزامهم قوانين موسى كوسيلة لإرضاء الله ,واعتناقهم مبدأ الثالوث الاقدس ,فالذين كانوا قد ابدؤوا الكنيسة الاولى ,خاطروا بفعلهم كل هذا إذ عرّضوا أنفسهم ليصبحوا منبوذين اجتماعياً ,وبحسب اللاهوت اليهودي تُطرح أرواحهم في جهنم.
“كيف لشيء مثل هذا أن يحدث؟” يسأل مورلاند ثم يضيف : “إن حدث القيامة يقدم التفسير العقلاني الوحيد”[14]
وهذا يصل بنا إلى الاقتباس الشهير من سي أف دي مول C.F.D. Moule ,وهو دارس في العهد الجديد من جامعة كامبردج “إن كان ظهور الكنيسة وهي ظاهرة غير قابلة للإنكار ويشهد لها العهد الجديد ,ينشيء فجوة في التاريخ ,فجوة بحجم وبشكل القيامة ,فبماذا يقترح المؤرخون العلمانيون أن نملأ هذه الفجوة”[15]
لنتامل في بعض من أكثر الامثلة تطرفاً ,والذي يشهد على التغيير الجذري الذي طرأ على حياة أحدهم بعد حدث القيامة ,يعقوب كان ميالاً إلى التشكيك في يسوع عندما كان لا يزال على قيد الحياة ,وكذلك شاول الطرسوسي كان مضطهداً للمسحيين. فما الذي كان بإمكانه ,غير التقائهما المسيح الُمقام من بين الاموات ,أن يغير حياتهما ليصبحا من قادة الكنيسة الاولى ,ومستعدين أن يقدما حياتهما فداء ايمانهما بأن يسوع هو ابن الله ؟ أما بالنسبة إلى تلاميذ يسوع ,فتحولوا من الانكماش خوفاً بعد موت يسوع, إلى التبشير فجأة بجرأة وبسلطان بأن يسوع برهن أنه الله بنصرته على القبر.
“إن التغيير الجذري في سلوك التلاميذ بعد القيامة ,هو خير دليل على القيامة “,يقول توماس سي أودن Thomas C.Oden من جامعة درو Drew University .ويضيف “لا بد من وضع بعض الفرضيات لإيجاد تفسير عقلاني لتحول التلاميذ هذا من اتباع ينوحون على المسيح المصلوب إلى أولئك الذين قلبت عظاتهم عن القيامة كيان العالم رأساً على عقب ,لم يكن ليحدث هذا التغيير ,حسب شهادة الكنيسة ,من دون الرب المُقام من بين الاموات”[16]
عندما أتأمل أنا شخصياً في سؤال يسوع ,”من تقولون أني أنا “(متى15:16) ,سرعان ما تتبادر إلى ذهني هذه الخطوط العريضة الخمسة من الادلة :مصداقية العهد الجديد ,فهم يسوع وإدراكه الكامل لحقيقة ذاته , عجائبه ,اتمامه للنبوات ,وقيامته من الموت .ما حدث واضح بالنسبة لي ,يسوع هو شخص حقيقي من التاريخ ,شخص قد حفظت لنا الاناجيل بكل أمانة كلماته المبكتة والمعزية وأعماله المدهشة والرقيقة .وهو شخص لم يرَ نفسه من منظار سام ,إلهي ومسياني فحسب , ولكنه أيضاً حقق جميع الصفات التي تجعل من الله أن يكون هو الله .
يسوع هو صانع معجزات, وشاف ٍ محب للعُمي والعُرج ,هو من جاءت أعماله الخارقة للطبيعة لتنذر بقدوم ملكوت الله .إنه المسيح الذي طال انتظاره ,والذي قدم الله من خلاله الخلاص والرجاء لشعبه وللعالم بأسره .وهو الرب المقام من بين الأموات ,من قبره الفارغ أعطى أتباعه الثقة الراسخة بأنه كما انتصر هو على القبر ,سينتصرون هم أيضاً.
من كتاب من صنع الله –د.رافي زاكاريوس –ط1 (2011)- صـ128-135
المراجع كما وردت في الكتاب :
[1]Gary Habermas and Antony Flew, Did Jesus Rise from the Dead? (San Francisco: Harper & Row, 1987), xi.
[2]Cited inRoss Clifford, ed., The Case for the Empty Tomb: Leading Lawyers Look at the Resurrection (Claremont, Calif.: Albatross, 1991),112
[3]Cited in William D. Edwards et al., “On the Physical Death of Jesus Christ,” Journal of the American Medical Association (21 March1986): 1463.
[4]John A. T. Robinson, The Human Face of God (Philadelphia: Westminster, 1973), 131, cited by William Lane Craig in the Will Real Jesus Please Stand Up? A Debate Between William Lane Craig and John Dominic Crossan (Grand Rapids: Baker, 1998), 27.
[5] Cited in Wilkins and Moreland, Jesus under Fire, 165.
[6] Cited in Strobel, The Case for Christ,230.
[7]John Drane, introducing the New Testament (San Francisco: Harper & Row, 1986),99.
[8] See Strobel, The Case for Christ,22O.
[9] Cited in Strobel, The Case for Christ,22O.
[10] See Strobel, The Case for Christ,234.
[11] See Strobel, The Case for Christ,238-40.
[12]Cited in Strobel, The Case for Christ, 121.
[13]Carl Braaten, History ond Hermeneutics, vol.2 of New Directions in
Theology Today, ed. William Hordern (Philadelphia: Westminster, 7966),78.
[14]J. P. Moreland, Scaling the Secular City (Grand Rapids: Baker, 1987),179-80.
[15]C. F. D. Moule, The Phenomenon of the New Testomenf (London: scM, 1967), 3,
[16]Cited in John N. Akers, John H. Armstrong, and John D. Woodbridge, gen. eds., This We Believe (Grand Rapids: Zondervan, 2000), 108-9