موقع شبهات واسئلة لاهوتية , الرد على الألحاد , الرد على الشبهات حول المسيحية ,دفاعيات , اللاهوت الدفاعى , مسابقات مسيحية , مكتبة الكتب المسيحية , اقوال اباء , دراسات فى الكتاب المقدس , موقع مسيحي
كتاب رحلة إلى قلب الإلحاد، الجزء الأول: الإلحاد.. بذار ورجال - أ. حلمي القمص يعقوب
14- لينين (1870-1924م.)
س12: كيف عاد لينين من منفاه، وكيف سكب الوقود على نيران الثورة البلشيفية؟
ج: وُلِد " فلاديمير الييتش أوليانوف" (لينين) في مدينة " سيمبيرسك " الروسية (حاليًا أوليانوفسك) في 22 أبريل سنة 1870م، وبعد إنهاء دراسته حصل على الرخصة القانونية التي تؤهله لممارسة مهنة المحاماة، ولكنه انصرف للعمل الثوري في مدينة " سانت بيتر سبرنج"، وأُلقي القبض عليه في سنة 1895م ونفيه إلى سيبريا، وفي سنة 1898م تزوج " لينين " من الفتاة الاشتراكية " ناديجدا كروبسكايا " وفي سنة 1900م أنتقل إلى أوربا، وأصدر صحيفة الاشتراكية " إسكرا " أي " الشرارة " وكان ستالين يجتهد في توزيعها في روسيا، كما نشر الكتب المتعلقة بالعمل الثوري، وفي سنة 1903م نجح " لينين " في تولي زعامة الحزب البلشفي. وكان قيصر روسيا يحكم سدس مساحة العالم، وزاد الفارق الطبقي بين رجال البلاط القيصري والأغنياء الذين يعيشون في رخاء ونعيم، وبين الفلاحين الذين يعانون من الفقر المدقع، والعمال المطحونين الذي يعملون بين 12 - 14 ساعة يوميًا مع سوء الأحوال الصحية، فدخل الفلاحون والعمال في عداء شديد مع القيصر، وتعاطفت معهم طبقة من المثقفين الذي لم يجدوا فرص للعمل، بينما تزرَّع القصر بقوات الشرطة والجيش ورجال الدين وأصحاب الأراضي.
St-Takla.org Image: Lenin, circa 1887
صورة في موقع الأنبا تكلا: لينين، حوالي عام 1887
وفي يوم الأحد 9 يناير سنة 1905م إجتاحت الجماهير الغفيرة شارع نفسكي متجهة إلى قصر الشتاء حيث يقيم القيصر، ليطالبونه بتحسين أوضاعهم المعيشية، ولكنهم فوجئوا بحرس القصر يطلق النيران عليهم بلا مبرر، وسقط منهم عدد غفير، حتى دعى ذلك اليوم بيوم الأحد الحزين، وانتهت هذه الثورة ولكن الجماهير لم تهدأ، وكان هناك من ينفخ في نيران الثورة سواء من داخل روسيا مثل الحزب الشيوعي أو من خارجها وقال " لينين": "هيئوا لنا منظمة من الثوريين نقلب لكم روسيا رأسًا على عقب" (1). وفي سنة 1906م تم اختيار "لينين" لزعامة حزب العمل الاشتراكي الاجتماعي، وفي السنة التالية اضطر للرحيل إلى " فنلندا " لدواعي أمنية، ولكنه كان يعقد الاجتماعات الاشتراكية في شتى بقاع أوربا، ورفع "لينين" شعار "الأرضوالخبز والسلام".
وفي سنة 1917م اشتعلت نيران الثورة التي بدأت بمظاهرة ضخمة تطالب بالخبز، ثم انقلبت إلى إضراب عام، وفي اليوم التالي ارتفع عدد المتظاهرين إلى مائتي ألف شخص، وتضامن رجال الجيش مع المتظاهرين فرفضوا إطلاق النار عليهم، وسريعًا ما امتدت الثورة إلى صفوف الجيش، ولاسيما أن الانسحاب غير المنظم للجيش الروسي سنة 1915م خلَّف وراءه ضحايا عديدين مما حطم معنوياته، وأمام نيران الثورة اضطر القيصر للتنازل عن العرش، وتولت إدارة البلاد أول حكومة ديمقراطية، فأفرجت عن المسجونين السياسيين، وسمحت بحرية الصحافة والخطابة، وبدأ " لينين " يعود من منفاه الذي أمضى فيه عشر سنوات، فعاد عبر ألمانيا إلى بتروجراد في سنة 1917م، عقب الإطاحة بالقيصر الروسي " نيقولا الثاني"، وشعر الشعب بتحسن الأوضاع الداخلية، وبدأت تحل الحرية عوضًا عن قيود وإرهاب الإمبراطورية القيصرية.
ولكن سريعًا ما دب الصراع في الحكومة الجديدة، ولم يتحقق السلام المنشود، فالفلاحين والعمال الذين كانوا وقودًا للثورة، لم توزع عليهم الحكومة الأراضي كما وعدتهم بهذا، فبدأ الفلاحون يقتلون ملاك الأراضي، ويحرقون بيوتهم، ويستولون على أراضيهم، وبدأ عمال المناجم والمصانع في الانتقام من أصحابها، وألقى " لينين " الوقود على النار أكثر فأكثر فحرَّض جنود الخطوط الأولى على هجر الخدمة العسكرية والاستيلاء على الأراضي، وقام هؤلاء الجنود وهم من الفلاحين والعمال بقتل الضباط. أما شعار الثورة "الأرض والخبز والسلام " فلم يتحقق، وعندما وصل "لينين " للسلطة أراد إقناع الجماهير أن الثورة التي أزاحت النظام القيصري هي خطوة على الطريق، ولم تقتنع الجماهير ودخلت في تصادمات مع الحكومة، وبدأت الحكومة تحد من الحريات، كما حدث تصادم بين ضباط الجيش ولجان الجيش، فأعادت الحكومة المؤقتة عقوبة الإعدام في الجيش بقصد القضاء على تلك اللجان، وامتدت الحرب الأهلية لمدة ثلاث سنوات حتى أمتلك الشيوعيون زمام الأمور، وقاموا بتأميم كل الصناعات، وكانت روسيا على عتبة انهيار اقتصادي شديد، أما " لينين " فكان يطمع في ثورة العمال العالمية، فقال " أن الموضوع يا سادتي ليس موضوع روسيا على الإطلاق. إنني أبصق على روسيا.. إن هذه مجرد رحلة يجب أن نمر فيها في الطريق إلى الثورة العالمية" (2)، وحاول " لينين " تصدير الثورة إلى فرنسا وألمانيا مستعينًا بالجيش الأحمر.
St-Takla.org Image: V. I. Lenin among the delegates to the Tenth All-Russia Conference of the R.C.P.(B) in the Sverdlovsk Hall of the Kremlin. 26 May 1921
صورة في موقع الأنبا تكلا: فلاديمير الييتش أوليانوف لينين مع مندوبي مؤتمر كل روسيا العاشر في سفيردلوفيسك في الكريملين، 26 مايو 1921
س13: كيف استطاع " فلاديمير أليتش" (لينين) الوصول للحكم الروسي؟ وكيف قاد الإتحاد السوفيتي لمدة خمسة وثلاثين عامًا نحو الإلحاد؟
ج: أعتنق " فلاديمير أليتش أوليانوف" (لينين) الأفكار الماركسية، وأسس حزبًا سياسيًا، حتى يتمكن من تنفيذ هذه الأفكار، فخاض نضالًا طويلًا عن طريق الحزب الشيوعي الذي أسَّسه في مدينة بتروجراد التي لا تنام، فالجموع تزدحم حول "معهد سمولني" الذي تحيطه حراسة مشدّدة من الحرس الأحمر، ولا يُسمح لأحد بالدخول إلاَّ بأذن، وفي شهر أكتوبر 1917م قرَّرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اتخاذ القرار بقيام الثورة بإجماع جميع الأصوات باستثناء عضوين فقط، فاشتعلت الثورة في جماهير الشعب، وحملت شعارها " الأرض.. الخبز.. السلام " ونجحت الثورة وسيطرت على مجريات الأمور، كما رأينا في إجابة السؤال السابق.
وشيئًا فشيئًا بدأت معالم الثورة تتضح أنها ضد الدين وضد الألوهية، حتى أن " لينين " قبَّح ليس عبادة الله، بل مجرد التفكير في الله، فقال " أن كل فكرة دينية، أو فكرة عن الله، حتى التمادي بفكرةٍ عنه، هي قباحة لا يُنطق بها، وهي أعظم خطرًا وأشدها عدوى من أية عدوى كانت، فملايين الخطايا والأعمال القبيحة ومظاهر الضعف والعدوى الجسدية، لهي أقل خطرًا من فكرة روحيَّة خدَّاعة عن الله" (3) ولكن يبدو أن فكرة استبعاد الله عن ذهن الإنسان شبه مستحيلة، ولذلك عندما كانت قوات الجنرال كورنيلوف المعادي للشيوعية تحاصر بطرسبرج، كان " لينين " يكرر القول بأن الله يعطينا المنفذ.
وحكم " لينين " بحزبه الشيوعي الإتحاد السوفيتي بالحديد والنار لمدة خمسة وثلاثين عامًا، ونجح في تقسيم معظم العالم إلى معسكر اشتراكي شرقي ومعسكر رأسمالي غربي، ودار الصراع بين هذا وذاك، واستطاع أن يكسب ثلث العالم للاشتراكية الروسية، وهو يقول "الدين هو أفيون الشعوب.. الدين نوع من الخمر الروحية يُغرِق فيها عبيد الرأسمالية صفتهم الإنسانية ومطالبهم بأي حياة إنسانية كريمة" (4).
وكان " لينين " قد تعرَّض لمحاولة اغتيال في 30 أغسطس 1918م، فعقب انتهاءه من أحد الاجتماعات وكان في طريقه إلى سيارته، اقتربت منه " فانيا كابلان" ونادته باسمه، وعندما ألتفت أطلقت عليه ثلاثة أعيرة نارية استقرت واحدة في كتفه والثانية في رئته، وفي مايو 1922م أُصيب بجلطة تسببت في شلل نصف جسمه الأيمن وقللت من مشاركاته السياسية، ومع نهاية العام جاءت الجلطة الثانية لتبعده عن الأضواء، وفي مارس 1923م، جاءت الجلطة الثالثة لتفقده القدرة على الكلام، وفي 24 يناير 1924م جاءت الجلطة الرابعة التي قضت عليه ومات " لينين " كأكبر زعيم ثورة، مات كديكتاتور، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ثم بدأت هالة التقديس تُنسج حوله، فأخذوا يُعلّمون الأطفال في المدارس أن يفخروا بأنهم أبناء لينين، وكان الطلبة يدرسون أقواله، وفي كل مكان كانت تنتشر صوَّره، فيردّدون " تحيا الشيوعية".. " يحيا لينين"، والذين كانوا يؤدون خدمات عظيمة للحزب الشيوعي كانوا يُكافأون بشارة تحمل صورة واسم لينين، بينما كان أبناء ضحايا الشيوعية يُودَعون للملاجئ، كما كان الأولاد يُنتزعون من والديهم بسبب إيمانهم بالمسيحية، ويُودَعون للملاجئ أيضًا، وحُرِم الآباء والأمهات من رؤية أولادهم، وحُرِم الأولاد من الأبوة والأمومة.
St-Takla.org Image: Stalin, Lenin and Mikhail Kalinin (falsified detail of a photo from the VIII Congress of the Russian Communist Party , March 1919 "18 February 1919"). Part of much larger photo showing other Congress members
صورة في موقع الأنبا تكلا: ستالين، لينين، ميخائيل كالينين - صورة مجمعة من اجتماع الحزب الشيوعي الروسي الثامن، مارس 1919 (أو 18 فبراير 1919)، والأصل من صورة أكبر تصور جميع أعضاء الكونجرس
أما " ضريح لينين " في موسكو فكان يزدحم أمامه طابورًا طويلًا ينتظر الدخول للتوسل إلى لينين، ويصف " سرجي كورداكوف " الموقف قائلًا " عندما دخلتُ المحراب المهيب المسجي فيه الجسد الميت للأب الكبير لينين، دخلني شعور بالخوف والرهبة للرجل الذي أمضيتُ ساعات طويلة من عمري أستذكر مبادئه وكتبه، والذي هو المصدر الذي ينبثق منه ديني الذي أعتنقه ألاَّ وهو الشيوعية، والذي كان أول إيمان ومعتقد لي في هذه الحياة، حيث بهرتني المساواة والتضامن والأخوة بين البشر التي نادى بها لينين. لهذا وقفت أمامه بخشوع مصليًّا: ساعدني في الحياة أيها الأب لينين. قدني ووجهني عندما أكون في احتياج. ساعدني لكي أفهم تعاليمك وأسلك بها. وفل كل العقبات وأبعد الأخطار من طريقي في الحياة. أجبني وقدني وساعدني أيها الشاب لينين. ثم رفعت عيني ونظرت للجسد المسجي بضع دقائق، ثم خرجت وأنا أحس بطريقة ما بالانتعاش، وشعرت بقوة والاستعداد لمواجهة تحديات الحياة" (5).
_____
الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
(1) رتشارد كنشام - ترجمة عزت فهمي - هذه هي الشيوعية ص 21
(2) رتشارد كتشام - ترجمة عزت فهيم - هذه هي الشيوعية ص 36
(3) ريتشارد وورمبلاند - تعريب كريم خاشو - العذاب الأحمر ص 98
(4) ريتشارد كيتشام - ترجمة عزت فهيم - هذه هي الشيوعية ص 63
(5) ترجمة نشأت مرجان - شاول طرسوس جديد - قصة ذئب شيوعي يتحوَّل إلى المسيحية ص 48، 49