المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا المرجو الانتظار قليلا سوف يتم التوجيه الى المدونة الجديدة وشكرا

الأحد، 7 ديسمبر 2014

من هم الأباء الرسوليين للقمص تادرس يعقوب ملطى

7- الآباء الرسوليّين



إن كانت هذه الكتابات الآباء الرسوليّين 
The Apostolic Fathers ليست إلاَّ براعم الربيع الصغيرة، لكنها حيّة تحمل روح الكنيسة الواحدة، تكشف لنا ما تحمله من أوراق وزهور وثمار حملتها شجرة الكنيسة عبر الأجيال [38].
مضي الجيل الأول المعاصر للسيد المسيح الشهود العيان له، وتتلمذ كثيرون على أيدي رسله وتلاميذه، ولم تعدالكنيسة محصورة في بقعة ما بل انطلقت في العالم تخمره بخميرة الحق وتلهبه بنيران الحب الإلهي، ووُجدت كنائس محليّة كثيرة في الشرق والغرب، لها إيمان واحد، ورجاء واحد، وحب واحد، صلّوات واحدة ومفاهيم واحدة ليتورچيّات وطقوس ذات هيكل واحد... حتى يحق لنا أن نقول إنّها ليست كنائس كثيرة بل كنيسة المسيح الواحدة الرسوليّة.
لقد حملت إلينا صدى أصيلًا لكرازة الرسل، وإعلانًا حقًا لبساطة إنجيل الخلاص، وصورة صادقّة للتقليد الكنسي في تلك الفترة الفريدة [39].
قدّمت لنا الإيمان الذي تقبّله هؤلاء الآباء الرسوليّين خلال اتصالهم المباشر للرسل أو تسلّموه عن طريق تلاميذهم [40].
أما تسميّتهم بالآباء الرسوليّين فترجع إلى الدارس الفرنسي Jean B. Coterlier من رجال القرن السابع عشر، الذي قام بنشر مجلّديه تحت اسمPatres aevi apostolici عام ١٦٧٢، واللذين شملا مجموعة الكتابات التالية:

1. الرسالة المنسوبة لبرناباس.
2. كتاب "الراعي" لهرماس.
3. رسالتان: إحداهما لأكلمنضس الروماني والأخرى منسوبة له.
4. رسائل أغناطيوس السبع.
5. رسالة لبوليكاربوس، ومقال عن استشهاده.
في عام ١٧٦٥ أضاف إليها Andres Gallandi في مجموعته Veterum Patrum Bibliotheca الأعمال التالية:
St-Takla.org         Image: A Coptic Orthodox Monk walking صورة: راهب قبطي أرثوذكسي يسير


6. رسالة إلى ديوجينيتس Diognetius لا يُعرف كاتبها.
7. مقتطفات لبابياس وQuadratus
8. وفي عام ١٨٧٣ اكتشفت "الديداكيّة Didache" أو "تعليم الرب للأمم كما نقله الإثنا عشر رسولًا" أضيفت إلى الكتابات الرسوليّة.
وأخيرًا فإن بعض الدارسين رأوا إضافة ما يسمى ب "قانون إنّما للرسل The Apostolic Creed" إلى مجموعة الكتابات الرسوليّة، لكن الغالبيّة لم يقبلوا ذلك.


سمات كتابات الآباء الرسوليّين

1. جاءت أغلب هذه الكتابات أشبه برسائل، لكنها في الحقيقة لا تمثّل "وحدة في الطبع".
فالرسالة الأولى لإكليمنضس، غرضها معالجة موضوع النزاع (والشقاق) الذي ساد في كنيسة كورنثوس؛ أمّا الرسالة الثانية المنسوبة له فهي عظة وليست رسالة.
ورسالة برناباس أشبه بمقالات لاهوتيّة بسيطة تعالج الربط بين العهد القديم والمسيحيّة.
والرسالة إلى ديوجنيتس ليست إلاَّ مقالًا يُقدّم مختصرًا للمسيحيّة.
وكتاب الراعي لهرماس هو مجموعة من الرؤى والوصايا تعالج موضوع التوبةبعد المعمودية.
والديداكيّة هي أشبه بدلال كنسي.
ومقتطفات بابياس في جوهرها تعليقات على بعض منطوقات السيد المسيح، في عرض لطيف للتقليد الشفهي.
أما عمل Quadratus فهو دفاع موجّه للإمبراطور هدريان.
هكذا لا نقدر أن نربط بين هذه الكتابات وبعضها البعض من جهة الطابع أو الموضوع، لكننا بشيء من التجاوز يمكننا القول أن هذه الكتابات في مجملها تعالج موضوعين:
ا. وحدة الكنيسة الداخليّة وسلام بنيانها الداخلي.
ب. الحفاظ على الإيمان الخالص حتى لا تشوبه وثنيات.
2. اتسمت هذه الكتابات بالبساطة مع الغيرة الملتهبة، دون الاعتماد على الفلسفة اليونانيّة أو البلاغة الهيلينيّة. فباستثناء الرسالة إلى ديوجنيتس لا تحمل هذه الكتابات عملًا أدبيًا.
3. جاءت هذه الكتابات وليدة احتياجات عمليّة رعويّة، وليس لغرض علمي دراسي؛ فلم تقدّم لنا دراسات لاهوتيّة روحيّة، إنّما أوضحت في بساطة الإيمانالعملي ما هو الإنجيل كما عاشته الكنيسة الأولى قبل أن تلتحم بسلطان زمني.
"الاهتمام الرعوي الأصيل" عامل مشترك في هذه الكتابات، فالآباء الرسوليّون لم يكن يشغلهم إبراز أفكار معيّنة بل الدخول بكل أحد إلى الحياة الإيمانيّة العمليّة، فلا ينتقون المصطلحات اللاهوتيّة الصعبة بل يقدّمون قلوبًا ملتهبة حبًا نحو خلاص البشريّة.
لم يكن هؤلاء الكتَّاب جبابرة عقليّين بل قدّيسين بسطاء، يحبّون التقوى، ويكرّسون حياتهم وقلوبهم لمخلّص حيّ يحيا فيهم وهم يحيوا به وفيه ومن أجله.
عاشوا في جيل بطولات روحيّة عمليّة لا جيل كلمات برَّاقة، لم يكن عصرهم عصر كتَّاب بل جنود روحيّين، ليسوا أصحاب كلام بل كانوا محتملي آلام [41].
4. اتسمت كتاباتهم بالصبغة الاسخاتولوجيّة (الانقضائيّة) eschatological character. كان المجيء الثاني للسيد المسيح هو غاية "الحياة المسيحيّة"، خلال علاقتهم المباشرة مع الرسل إذ كانوا يذكرون شخص المسيح بحماس، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.فقد كشفت كتاباته عن شوق عميق نحو السيد المسيح المخلّص الصاعد، وهو لا يزال حيًّا وقائمًا في وسطهم. ينتظرون مجيئه ليروه وجها لوجّه. هذا الشوق حمل شكلًا قدسيًا في حياتهم وكتاباته وعبادتهم.
5. اتسمت هذه الكتابات بالطابع الكنسي كما حملت روح الشركة، شركة الكنيسة في العالم كلّه في الإيمان والتقليد والعبادة... رغم بُعد المسافات بين الكنائس وبعضها البعض مع اختلاف الثقافات وتفاصيل التقاليد.
أخيرًا يليق بنا أن نفهم أن هذه الكتابات، مهما بلغت قيمتها، ومهما كانت قداسة كتَّابها، فهي ليست وحيًا إلهيًا نقدّس كل عبارة فيها، إنّما هي أنشودة الروح التي تتغنى بها الكنيسة ليمتدّ هذا اللحن الأبدي من جيل إلى جيل في توافق وانسجام تحت قيادة الروح القدس العامل في الكنيسة ليدخل بكل العالم إلى الاتّحاد مع الآب في المسيح يسوع ربنا بالروح القدس.

للمزيد :
_____
الحواشي والمراجع:
[38] of. Chrétiens de tous les temps (1): Les écrits des Péres Apostoliques, Paris 1968.
[39] Maxwell Staniforth: Early Christian Fathers, 1963.
[40] Quasten: Patrology, vol. 1, p. 40.

[41] ANF vol. 1, p. VII.

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

ارسل الموضوع لأصدقائك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;